مقالات
أخر الأخبار

أضرار الفتنة ومخاطرها في الدين والدنيا

قال الله تعالى في محكم كتابه الحكيم: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣] . لقد حذر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز كثيرا من الفتنة والتي يقصد منها البعد عن الدين والوقوع في حب الدنيا وشباك النفس الأمارة بالسوء ومصاحبة الشيطان والعياذ بالله ، ومن الناس من يصدق عليه هذا المعنى للفتنة والتي يقصد منها صد الناس عن دين الله وأخراج المجتمع من الدين وهو بذلك يكون من رؤوس الفتنة والعياذ بالله وذلك بتهوين الشر وتسويغه ليقبله ممن لا علم عنده من المسلمين ويلبس باطله ثوب الحق من خلال الاستدلال بنصوص شرعية هي من المتشابه والإعراض عن النصوص المحكمة وهو ما أشار له الله سبحانه وتعالى بقوله: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7]

ومنه ما نسمعه هذه الأيام من بعض المنحرفين حيث يستدل بالقرآن ليروج بضاعته البائرة مدعيا أنه لا يجوز للمؤمنين إقامة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي هي من أعظم الفرائض كما ورد ذلك في حديث الإمام الباقر (عليه السلام): (إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء ، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض ، وتأمن المذاهب ، وتحل المكاسب ، وترد المظالم ، وتعمر الأرض ، وينتصف من الأعداء ، ويستقيم الأمر) بل وقدم من أجلها المعصومون عليهم السلام أرواحهم واجسادهم حتى طحنت أضلاع أبي عبد الله الحسين عليه السلام من أجل إحياء هذه الفرضية قائلا: (ما خرجت أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله أمر بالمعروف وإنهى عن المنكر)

وهؤلاء يستشهدون بقوله تعالى: {لَآ إِكْرَاهَ فِى ٱلدِّينِ} ويترك بقية الآية فتكون متشابهة لكنه يعزف عن قراءة القسم الآخر من الآية لانها ستكون محكمة وبذلك يفتضح أمرهم حيث يقول جل وعلا: {قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَىِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِٱلطَّغُوتِ وَيُؤْمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَا ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} يضاف إلى ذلك إن أهل الإيمان الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بالواقع لا يكرهون غير المسلم على أعتناق العقيدة الإسلامية فالإكراه – حسب الآية – على مستوى العقيدة جريمة في المنظومة الإسلامية ولكن مخالفة النظام العام والإخلال به هو ما لا يسمح به من وجهة نظر إسلامية فهم بذلك يحرفون الآية عن مسارها وتطبيقنا العملي لعدم إكراه الناس على العقيدة الإسلامية هو إننا رفضنا الدواعش مع دعواهم الإسلام بل قاتلناهم حين تعرضوا للأيزيديين والمسيحيين لأننا نؤمن بأنه لا إكراه في الدين في الوقت الذي لم يسجل المتباكون على حقوق الأقليات حتى جريح واحد فمالكم كيف تحكمون!! .وبنفس الوقت لم يدخل الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر لبيوت الفاسقين لغلق جهاز التلفاز الذي يعرض فيه الغناء لعدم تجاهر أولئك بالفسق والعصيان لذا فلا يحق لأي من هؤلاء المخنثين أن يتحدث عن إنتهاك الحرية الشخصية لأنهم هم من إنتهكوا الحريات النوعية للمجتمع بإشاعة الفسق والفجور وفي مكان عام ، ثم لماذا لم نسمع مثل هكذا إعتراضات على الدولة الراعية للديمقراطية حسب دعواهم حين منعت الحجاب وحرمت المحجبات من حق التعلم وهو لا يؤثر على الآخرين ولا ينتهك حرياتهم فلماذا هذا الكيل بمكيالين وإن كان لتلك الدول حق منع الحجاب على سبيل المثال _ بل إن بعض الدول قامت بقتل وحرق المسلمين ولم نسمع أصوات هؤلاء النكرات_ لأن المسلمين أقلية فلماذا تريد الأقلية المنحرفة في العراق التحكم بالأغلبية المؤمنة وتمارس دور القيمومة بلا وجه حق .

وما يذكرونه من تحويل البلاد إلى إقطاعية إسلامية والدعوة إلى أسلمة المجتمع وغيرها من الشبهات فهي لا تنطلي إلا على البسطاء من المجتمع بغية اضلالهم ولا يروج لها إلا من في قلبه مرض ونحن نقول لهم لماذا سمحتم لأنفسكم رفض أسلمة المجتمع ولا تسمحون لنا رفض علمنة المجتمع وإفساده مع أن الحق معنا واضح وجلي حيث رأينا البعض من المبتذلات العاريات ممن يطلقون عليهن زيفا أسم فنانة – وفي ذلك تجني على الفن – قد تبرأ منهن أبنائهن وعوائلهن لما صدر منهن وهن يشكون صعوبة الحياة ولعل البعض سيستغل هذه الكلمة متصيدا بالماء العكر كوننا نرفض الفن فنقول له لو كنا نرفض الفن لما شاهدنا مسلسلات تلفزيونية تجسد حياة الأنبياء والصالحين وبعض الأفلام والمسلسلات الاجتماعية الهادفة بل نحن نرفض كل ما هو هابط لا هدف ورائه والحديث ذو شجون ، ثم إن النقد الذي صدر للحفلات الهابطة ولمطربيها جاء من الأوساط الفنية ومن نفس الدول التي

جاؤا منها قبل أن يصدر من الأوساط الحسينية ولا ننكر أنه حتى لو لم يصدر منهم رفض فإننا رافضون لكل ألوان التخلف والإنحراف والأغرب أن الجهات المتعاقدة معهم بينت سابقا أن سبب إلغاء العقد بينها وبين الشركة التي تتبنى أولئك الضالين هو مخالفة الذوق العام وأحتراما للمراجع وهو أعتراف واضح أن ما صدر فيه مخالفة دستورية وشرعية فلا تكونوا أكثر حماسة بالدفاع عن المذنبين من أنفسهم
ولكن الغريب أن يعود هؤلاء مرة أخرى لسابق عهدهم ليروجوا للفساد والإنحراف والتحلل .

أن أولئك يريدون أن يأخذوا دور الشيطان اللعين الرجيم الوارد في القرآن الكريم قال تعالى: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ} فحين تدعوهم إلى طاعة الله سبحانه وتعالى يجيبون بما أجاب به أبليس اللعين {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} مع أن هؤلاء لا يملكون من المؤهلات العلمية والأخلاقية شيئا منها ومواقع التواصل تعج بفضائحهم وبسوء فعالهم حتى مع من هم على شاكلتهم والذين سيرون مصيرهم بعد الموت كما هو مصير أبليس اللعين قَالَ تعالى: {فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ * قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} .

إن حديثي المتقدم مجمع عليه من قبل جميع المراجع أدام الله وجودهم ورحم الله الماضين منهم ومنه ما قاله سماحة المرجع اليعقوبي دام ظله بقوله: ان الفتنة بمعنى الاضلال والابعاد عن الدين وايقاع الفرد في الفساد والانحراف هو اشد واكبر من ازهاق روحه او قل ان القتل المعنوي للإنسان بسلب دينه الذي هو سبب نعيمه في الحياة الخالدة الدائمة هو اشد خطرا واكبر جرما من سلب حياته المادية وفنائه الجسدي ، ولإقامة الشهادة على هذه الحقيقة كان القتل من أجل دفع الفتنة والضلال وحماية الدين والمجتمع منها اقدس مراتب القتل وافضلها . ويترتب على هذا أنَّ من يفتن الناس عن دينهم يجب دفعه بشتّى الوسائل كالذي يهدد حياة الناس بل الاول احرى وان لم يشهر سلاحا ، نعم للكلام تتمة أترك إيضاحها لطلبة العلم الأجلاء من خلال عقد المؤتمرات والندوات جزاهم الله خير .

ومن معاني الفتنة في القرآن: فتنة المنافقين بتخذيل المؤمنين ومحاولة التأثير على معنوياتهم وتخويفهم ، وبث الفُرقة في أوساط المؤمنين ، والتجسس على المؤمنين ، وتوصيل أخبارهم لأعدائهم من الكفرة وغيرهم كما في قوله تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: 47 – 48]

ومن ذلك ما سمعناه في الأيام الماضية لماذا لا يتم الإحتجاج على الفاسدين من المسؤولين وغيرها من الكلمات التي يحاولون من خلالها تخذيل المؤمنين عن اداء دورهم برفض الفساد والانحراف الأخلاقي من مجون ومثلية وخمور ومخدرات وغير ذلك وهنا نجيب على هذه المجموعة المنافقة بالأجوبة التالية: ان المراجع المتصدين للشأن العام رفضوا كل أنواع الفساد والإفساد ومنه الفساد السياسي والمالي والإداري وإتخذوا عدة إجراءات للقضاء على هكذا مفاسد ولكن التخاذل عن تأييد مواقف المرجعية في هذا الشأن من قبل المجتمع بسبب ما تمارسونه من تضليل هو ما جعل أمد الفاسدين الذين يمارسون الفساد السياسي والمالي والأداري يطول مدته ولكن الوعد الإلهي ينبئنا بأن لا يدوم مقامه فقد جاء في أحاديث أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (مَنْ طَالَ عُدْوَانُهُ زَالَ سُلْطَانُهُ (مَنْ جَارَتْ وِلَايَتُهُ زَالَتْ دَوْلَتُهُ) (مَنْ عَامَلَ رَعِيَّتَهُ بِالظُّلْمِ أَزَالَ اللَّهُ مُلْكَهُ وَ عَجَّلَ بَوَارَهُ وَهَلَاكَهُ‌) وتتمة للجواب المتقدم فإن التقصير في بعض التكاليف إن وجد في الجملة لا يعطي المبرر بترك بقية التكاليف وهي النهي عن المنكر والدعوة لكل معروف بل يستدعي إتمام التكليف بإنكار بقية أنواع المنكر كما أن الحكمة تقول ما لا يدرك كله لا يترك جله .

ومن العجيب أن المنافقين – وحديثي واضح عن أولئك الذين يدعون أنهم يصلّون ولعل بعضهم ذهب للحج نزهة ورياءا – فهؤلاء يتظاهرون بالرغبة بعدم الفتنة فيزعمون أن بعض أحكام الله تثير الفتنة فلذا كل من يخالف توجُّهاتهم يصفونه بأنه من دعاة الفتنة ويُسوغون باطلهم بزعم عدم إثارة الفتنة والمحافظة على النسيج الاجتماعي فيبين ربنا كذبهم بقوله تعالى:

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ } [التوبة: 49] وهذا واضح برفعهم شعارات ما أنزل الله بها من سلطان ومنها (عيسى بدينه وموسى بدينه) وهذه من الأسلحة التي يستخدمها أولئك المنافقون كي لا يؤدوا التكليف الشرعي بينما المؤمنون منتبهون أن هذه الأمثال والأقوال غير دقيقة وإن أولئك خالفوا صريح القرآن الكريم حيث أن جميع الأنبياء والمرسلين دينهم واحد

قال الله تعالى في كتابه الحكيم: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} البقرة ٢٨٥

وقوله تعالى: {قُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبْرَٰهِيمَ وَإِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلْأَسْبَاطِ وَمَآ أُوتِىَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَآ أُوتِىَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍۢ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُۥ مُسْلِمُونَ} البقرة ١٣٦

كما إننا نوجه حديثنا للمؤمنين الذين يقيمون فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضمن الحدود التي رسمتها الشريعة أن لا يتأثروا من كلام المتضررين من هذه الفرضية العظيمة حتى لو نعتوهم بأبشع الأوصاف ولذا فإن الله تعالى يسلي المصلحين فيخبرنا أن أعظم الخلق وهو النبي (ص) قد اتُّهِم بالفتنة ولكن الله تعالى ردهم بقوله تبارك وتعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القلم: 5 – 7] .

أيها الأخوة الأكارم ..

أن أعظم فتنة هي فتنة المنافقين لا سيما حينما يسخر لهم الإعلام وتسلط عليهم الأضواء فلذا ربنا تبارك وتعالى يقول عنهم: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ ۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ} [المنافقون: 4] .

وفي الختام نقول لهؤلاء أن أبواب الله تعالى لا تغلق وهو جل وعلا سريع الرضا رغم وعده للمنافقين بأشد العقوبات حيث قال: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} فبعد هذا الوعيد الشديد للمنافقين فتح سبحانه باب التوبة ليدخل فيه كل من يريد أن يقلع عن ذنوبه من المنافقين وغيرهم ، حتى ينجو من عقابه سبحانه فقال: {إِلاَّ الذين تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ واعتصموا بالله وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ فأولئك مَعَ المؤمنين وَسَوْفَ يُؤْتِ الله المؤمنين أَجْراً عَظِيماً}

أي هذا الجزاء الذى بيناه هو جزاء المنافقين لكن الذين تابوا منهم عن النفاق وأصلحوا ما أفسدوا من أقوالهم وأفعالهم {واعتصموا بالله} أي تمسكوا بكتابه وتركوا موالاة الكافرين {وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ} بحيث لا يريدون بطاعتهم سوى رضاه ومثوبته {فأولئك} الذين فعلوا ذلك {مَعَ المؤمنين} الصادقين الذين لم يصدر منهم نفاق أي معهم في فضيلة الإِيمان الصادق وما يترتب على ذلك من أجر جزيل وثواب عظيم {وَسَوْفَ يُؤْتِ الله المؤمنين أَجْراً عَظِيماً} .

ثم أخبر تعالى عن كمال غناه وسعة حلمه ورحمته وإحسانه فقال: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ} والحال أن الله شاكر عليم يعطي المتحملين لأجله الأثقال الدائبين في الأعمال جزيل الثواب وواسع الإحسان ومن ترك شيئًا لله أعطاه الله خيرًا منه .

الخطيب الحسيني السيد رسول الياسري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى