
كتب هاني عاشور.. تقترب الانتخابات مع قانون يحافظ على منهجها الذي جرى في انتخابات سابقة قبل عام 2021، فلا دوائر متعددة هذه المرة، والتي كان المستقلون قد وجدوا فيها فرصة ليصلوا إلى البرلمان بنحو 60 مقعدا.
وتبدو حيرة المستقلين امام قانون الانتخابات الذي ستجري وفقه انتخابات 2025، بعد ان قررت الحكومة موعدها في 11 من تشرين ثاني المقبل، وتبدو حيرة المستقلين اكبر هذه المرة، فالدائرة الواحدة لكل محافظة ستجعل التنافس اكبر، وتتطلب منافسة احزاب قوية، وستعطي للتحالفات دورها في خوض الانتخابات، أو رسم ملامح الاتفاقات بعدها، فهناك خلف الكواليس ملامح اتفاقات سيتم الاعلان عنها بعد اعلان النتائج وغالبا لن يكون المستقلون طرفا فيها.
المستقلون لم يتمكنوا طيلة الدورة الحالية من أن يكون لهم ما يمكن أن نسمّيه تحالفا، فهم ببساطة مستقلون ولكل رأيه وصوته ووجهة نظره، فيما كان هناك منهم من تحالف مع كتل اخرى أو اقترب منها، ولعل هذه الاشكالية تبقى اصعب ما يواجهه المستقلون.
ولكن كيف سيتعامل المستقلون مع المرحلة الجديدة والانتخابات المقبلة، وليس امامهم إلا طريق التفاعل مع جمهورهم الذي يبدو انه تبدد وتغيرت توجهاته حين رأى عدم اصطفافهم في رأي واحد، أو عدم قدرتهم على طرح تطلعات جمهورهم لتتحول إلى قوانين وقرارات وتشريعات، حتى أن بعض النواب المستقلين قد آثروا الصمت طيلة الدورة الحالية، ولم نسمع منهم تصريحات أو مقترحات أو افكار، فيما برز منهم قسم آخر وهو القليل بتصريحات لم تهدأ وكأنهم ميّزوا انفسهم عن الاخرين من صنفهم المستقل.
لا نستطيع ان نحكم على تجربة المستقلين حكما جائرا، ولكن لم تكن تجربتهم مجتمعة ولها نجاحات تذكر تعبر عن الاستقلالية، غير أن تواصل بعضهم مع الاعلام اكسبهم حيوية بين جماهيرهم، فيما يبدو ان آخرين منهم سوف يكتفون بتجربة السنوات الاربعة ويفضلون مغادرة المقاعد.
كان يمكن لـ 60 مقعدا أو اكثر بأصوات اكثر من مليونين وربع المليون وهي اعلى نسبة تصويت في الانتخابات الماضية، أن تقود مستقبلا جديدا أو على الاقل ان ترسم ملامح هذا المستقبل، لكن هذا الرقم الكبير ظل حبيس المقاعد ولم يحقق شيئا يمكن الوقوف عنده، حتى على مستوى تقديم مقترحات قوانين لا تتطلب سوى اٌقل من نصفهم أو ربع عددهم لتكون على جداول جلسات البرلمان.
إن هذه الحقيقة تجعلنا نسأل بمودة أو بشك، هل سوف تتكرر هذه التجربة، وهل هناك في الافق ضوء يلوح ليعيد جمهور المليونين وربع المليون إلى الصناديق مرة أخرى لاختيارهم أو اختيار من يعيد ملامح تجربتهم. هذه الاسئلة مثلما تتكرر في اذهان الكثيرين، ربما تتكرر ايضا في اذهان النواب المستقلين، الذين لم يعبروا كثيرا عن استقلاليتهم، وهم من ارتقى لقبة البرلمان تحت عنوان الاستقلالية، لكن الاسئلة ستبقى تطوف وتدور في الاذهان، وما من مجيب.