مقالات
أخر الأخبار

رهان الرسوم الجمركية.. ربَّ ضارة نافعة

كتب علي الخفاجي.. عادة ووفق العرف الدولي، أنه وفي حال تنصيب رئيس دولة ما، يتم تقييم عمل هذا الرئيس بعد مرور مئة يوم من توليه منصبه، ويتم على أثر ذلك تشخيص الإيجابيات والسلبيات ومدى تطبيق البرنامج الحكومي المعد مسبقا مع الواقع بعد تسنمه للمنصب، لكن الأمر ليس كذلك مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

حيث ومنذ اللحظات الأولى لتنصيبه رئيسا للولايات المتحدة الأميركية في العشرين من شهر كانون الثاني من هذا العام، أصدر العديد من القرارات الغريبة والمفاجئة بما يخص السياسة الخارجية والاقتصاد،

في محاولة منه لإحداث تحولات استراتيجيَّة في السياسة الأميركية على حد وصفه، تلك السياسة جعلت من العالم بأسره يعيش بفوضى لا مثيل لها، وهذا ما فتح الباب لتضارب المصالح بين كثير من الدول، فالمكسيك تستعد لحرب جمركية مع الولايات المتحدة على أثر الخطاب المتشنج فيما يخص الحدود البرية بين الدولتين، وكندا هي الأخرى تسير على خطى المكسيك بموضوع الرسوم وزيادتها، وكذا الحال بالنسبة للصين وروسيا وغيرها الكثير من الدول. المشهد الضبابي الذي يعيشه العالم اليوم جعل كثيرًا من الدول في موقف لا تُحسد عليه، حيث هدد ترامب وبأكثر من مناسبة على عدم التعامل مع الدول الأعضاء في حلف الناتو إذا ما عملت تلك الدول على زيادة إنفاقها على هذا الحلف من حيث الإنفاق المادي والعسكري، وكما قرر الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، الأمر الذي جعل تلك المنظمة في موقف محرج كون الولايات المتحدة تعتبر من أكبر الممولين للمنظمة، وكذلك من ضمن القرارات التي اتخذها ترامب هو إلغاء هيئة المعونة الأميركية، والتي تعنى بتقديم المساعدات الغذائية والدوائية، حيث تعد تلك الهيئة الداعم والممول الرئيس للدول التي تعتاش على تلك المساعدات.

تأثر السوق العالمي بمزاجيات وتقلبات الأسعار نتيجة الظروف الطارئة يعتبر من البديهيات باعتبار تلك الأمور من الظروف القاهرة، وهذا ما شهده العالم منذ سنوات قد خلت، ولعل أقرب الشواهد على ما ذكرنا هو خلال عام 2019 وتأثر العالم بجائحة كورونا، وأصبحت الدول نتيجة انتشار ذلك الوباء في محل ارتباك وفوضى لم تشهدها على الأقل في العقود الخمسة الماضية. لكن الأمر الذي أذهل العالم وأصبحت الدول على إثره تعوم بكم من المشاكل، وخصوصًا الاقتصادية منها، هو دخول الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على واردات نحو 200 دولة حيز التنفيذ. الحرب الاقتصادية هي السياسة المتبعة للولايات المتحدة الأميركية في قادم الأيام، وكما ذكرنا سابقًا بأن أميركا وسياسة ترامب مبنية على مبدأ اقتصادي بحت، ولا تُقدم على حرب مباشرة مع جميع الأطراف حتى وإن هددت أو استعرضت بخطابها وتلويحها بالحرب العسكرية. وفي ظل التوهان الذي أصاب كثيرًا من الدول جراء قرار ترامب الأخير لرفع الرسوم الجمركية، وبعد جس النبض الذي استشعره الرئيس الأميركي من الدول المتأثرة وغير المتأثرة بالرسوم، أعلن ترامب تعليق الرسوم الإضافية المتبادلة لتسعين يومًا على كثير من الدول باستثناء الصين، وجاء القرار على لسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث صرّح بأنه سمح بوقف مؤقت للرسوم الجمركية على الدول التي لم تقم بأي رد انتقامي ضد الولايات المتحدة بأي شكل من الأشكال.

ما يهمنا وسط تلك الدوامة التي ابتدَعها ترامب هو الوضع العراقي وكيفية التعامل مع المهلة التي قررها ترامب قبل أيام، حتى وإن كانت تلك الرسوم لا تمس بأي شكل من الأشكال الاقتصاد العراقي حسب رأي أحد الخبراء الماليين العراقيين، لكن وليعلم السيد الخبير، ما دمنا نعيش وسط اقتصاد حر وجل اعتمادنا على النفط، لا بد من تأثر الوضع العام العالمي على البلد، وبالتالي ستمس تلك العقوبات العراق عاجلًا أم آجلًا. الفرصة كبيرة أمام العراق لفتح آفاق واسعة مع الولايات المتحدة الأميركية، خصوصًا إذا ما علمنا أن حجم الاستثمار الأميركي في العراق قليل جدًا ولم يرتقِ إلى المستوى المطلوب، وهنا؛ نعتقد بأن ما قامت به الحكومة العراقية قبل أيام باستضافتها لشركات ورجال أعمال أميركيين وتوقيع عقود استثمارية كبيرة، ما هي إلا خطوة مهمة عليها أن تستثمرها بالشكل المطلوب، خصوصًا إذا ما علمنا أن الحرب الاقتصادية الأميركية ـ الصينية ستستمر طويلًا، وبالتالي فإن المصانع الأميركية التي كانت تصنع منتجاتها في الصين، ونتيجة لتلك الحرب، ستبحث عن دول بديلة في المنطقة

العربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى