كتب نوزاد حسن: يقال دائما: إن الصورة تعادل ألف كلمة. هذا أمر نكاد نتفق عليه جميعا. لكن هل فعلا أن الصورة لها تاثير آلاف الكلمات؟ أطرح هذا السؤال وأقول إن صور غزة أثبتت كذبة هذا الرأي. فالصورة أو مجموعة الصور التي تتناقلها وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي يفوق تاثيرها ما كنا نصدق عند قولنا السابق، من أن الكلمات تفقد بريقها أمام صورة واحدة.
نحن منذ أشهر نواجه سيلا من صور لغزة تسحق كل واحدة منها أعصابنا. ولا أعتقد أننا نستطيع أن نراها دون أن نشعر بأننا نتعذب من الداخل تمثل تلك الصور التي تصلنا ونحن نتصفح كتاب غزة المؤلم عالما وحشيا بكل معنى الكلمة.
أتساءل من يتحمل صورة طفل محترق يعالج في مستشفى امكانياته قليلة، طفل بريء تعرض لمثل هذا المصير والعالم كله ينظر لما يجري. وهناك صور بالعشرات لضحايا يدفعون ثمنا باهظا، دون أن يقدم العالم لهم يد العون.
طفل محترق، وغيره مئات يلاقون المصير نفسه. كيف أستطيع أن افهم رسالة هذه الصورة؟ كيف سأحس بمعاناته التي تنقلها إلينا وسائل الإعلام وهو يبكي بألم؟ يوميا أواجه هذه الأسئلة القاتلة المحطمة لأعصابي. هل أقول إن الكيانَ الغاصب يثبت اَن العالم عبثي إلى درجة أنه يحرق كل شيء أمام أنظار الجميع دون مبالاة.
تفتح صور الألم امامي نوافذ انظر منها إلى من يعانون. فهذا الطفل المحترق ماذا كان يفعل قبل دقائق من تشويهه بهذا الشكل.؟ كيف يفكر والده، ووالدته. ربما يكون طفلهما الوحيد الذي انتظراه كي ياتيهما كهدية. وها هي هديتهما تشوه بقسوة. أنا لا أتحدث عن دمية لكن عن طفل يحمل تاريخا طويلا في لحمه الطري، واذا حاولنا أن نحس بالصور جميعا فسنكون أمام لوحة قاسية جدا.
وأنا أنظر لذلك الطفل المحترق قلت ربما سيكون كادوارد سعيد ذلك الفلسطيني الملهم. وتذكرت في قمة حزني الكاتب جان جينيه، الذي أحب الشعب الفلسطيني، وذهب إلى أماكن المقاومة الفلسطينية وعاش معها عامين، وكتب عنها كتابه الجميل أسير عاشق.
تساءلت ترى ما الذي سيقوله جينيه وهو يرى هذا الطفل يبكي أمامه، بسبب قصف تعرض له منزله. ماذا كان سيكتب ذلك المتمرد الفرنسي عن ماساة غزة؟.