مقالات
أخر الأخبار

أطروحة قبول التنوع

كتب أ.د عامر حسن فياض: وردت عدة تعاريف لمفردة التنوع، إذ تم تعريفه كصفة من صفات الخصائص البشرية، وهذا التنوع يشتمل على التباين في عدة عوامل كالعمر والنوع والحالة الاجتماعية، والعوامل الثقافية كالعرق والجنس واللغة والديانة، وهذا التنوع لا ينحصر في قومية ولا يختص بطائفة معينة. وإنما يشمل الاختلافات الفردية التي تميز كل شخص عن الآخر، كذلك يشمل كل الاختلافات المجتمعية ثقافياً واجتماعياً وسياسياً.

 

التنوع أما طبيعي أو مكتسب؛ فالاول يأتي مع الولادة ويشتمل على مجموعة من الصفات الإنسانية ومن ثم الموجودة في الفرد، وبذلك لا يمكن التحكم بـمثل هذه الصفات البيولوجية كالنوع والعرق أو تغييرها، وبعض الصفات الجسدية. أما الآخر المكتسب فيشير إلى مجموعة من الصفات والعوامل المتغيرة القابلة للتكييف والتعديل، أي يمكن التحكم بها وفق إرادة الفرد، فيكتسبها أو يتخلى عنها، كالمعتقد السياسي أو الثقافي.

كما أن مفهومي التنوع والاختلاف هما مرادفات للتعدد والتنوع تحمل معاني متشابهة في كل مظاهر الحياة؛ ولذلك فالحديث عن التنوع يقترب كثيراً من الحديث عن التعددية إن لم تكن هذه المفردة هي بعينها من مرادفات التعددية. لذا يصح القول لمجموعة معينة أنها متعددة فالتنوع يرادف التعدد وكلاهما يرادف الاختلاف. فالتعددية كما جاء في معجم المعاني الجامع هي اسم منسوب إلى تعدد وعد.

اصطلاحاً عرفت من الناحية السياسية بأنها نظام سياسي قائم على تعايش الجماعات المختلفة والمستقلة في الإرادة مع تمثيلها في الحكم. بمعنى آخر، أن التعددية توزيع السلطة السياسية عن طريق أشكال مؤسساتية، أي أن السلطة لا تكون حكراً على فئة معينة، سواء كانت سياسية أو إثنية أو فكرية. وبعبارة أخرى المقصود بالتعددية السياسية هي نوع من التنظيم الاجتماعي الذي يتعلق ببيئة النظام السياسي وآليات عملياته المختلفة. إذ يسلم بضرورة وجود أفكار وقيم ومؤسسات متعددة في النظام السياسي، إذ تقوم التعددية على ثلاثة مرتكزات أساسية وهي الإيمان بالاختلاف والتنوع بين الأفراد، الإقرار بالتبادل الطبيعي للمواقع والتأكيد على فكرة المؤسسة وأنها نقيض للفردية. وقد تشير التعددية السياسية كذلك إلى المؤسسات الحكومية وغيرها من المؤسسات الاجتماعية التي يمكنها أن تشارك في مزاولة السلطة.

أما من الناحية الاجتماعية فعرّفت التعددية بأنها وجود مؤسسات وجماعات غير متجانسة في المجتمع المعاصر ويكون لها اهتمامات دينية واقتصادية واثنية وثقافية متنوعة. والتعريف الإجرائي للتنوع يتمثل بالتنوع الذي يشمل التشابه والاختلاف الذي يتصل بالفرد والمجتمع والسلطة والذي يتسع ليصبح أعم وأشمل، إذ تضم التعددية القومية والدينية والإثنية والحزبية والسياسية والتي تقوم على أساس توزيع السلطة التي تشمل جميع أفراد المجتمع وتنوعه.

كما أن التعددية والتنوع إنما يكونان في إطار الوحدة والرابط المشترك، فالتعددية هي تنوع قائم على تميز وخصوصية فهي لا يمكن أن توجد إلا بالمقارنة بالوحدة، وضمن إطارها لا يمكن إطلاق التعددية على التشرذم والقطيعة التي لا جامع لآحادها، ولا على الأحادية التي لا أجزاء لها، وليس بالضرورة تشابه أو تطابق المضمون والتكوين بين أطراف العلاقة التفاعلية كون التنوع من المعطيات الأصلية لتاريخ البشرية.

ومن النادر أن نجد مجتمعاً لا يضم تعدداً قومياً أو إثنيا أو دينياً أو قبلياً، وإن محاولة إقصاء أو عزل أو إلغاء هذا التنوع غالباً ما يؤدي إلى الانقسام والتجزئة، لاسيما أن الفشل في إدارة هذا التنوع وعدم الوعي بالاختلاف والتعدد وعدم إعطائه استحقاقه في ظل عدم العمل بالحلول الناجعة جعل منه أزمة تشل الحياة الإنسانية.

يؤسس التنوع والاختلاف كظاهرة إنسانية لثلاثة ركائز كبرى تقوم عليها الحياة الإنسانية وهي الجمالية والتكامل والإبداع، فالجمال رهن التنوع والاختلاف في الماهية والهيئة والوظيفة ولو ساد التماثل لقضي على الجمال بكل أطيافه وأنواعه.

وأما التكامل فناتج عن التنوع أيضاً وذلك لعجز أي مفردة في الخلق عن الانفراد بذاتها، فلا بد من تكاملها مع الآخر المختلف والمكمل، فلا وجود للفردانية بل يكمل أحدهما الآخر المختلف والمكمل. وكذلك الإبداع هو حاصل يقوم على أرضية التنوع كون التماثل ينفي الإبداع.

وهكذا فإن الإقرار بالتنوع وقبوله يعني الإقرار والقبول بالجمال والتكامل ولا إبداع من غير الإقرار بالتنوع وقبوله، وما على العقلاء إلا التدبير وحسن إدارة التنوع بعد الإقرار به كحقيقة لا يمكن تجاهلها وقبوله كحقيقة لا يمكن تجاهلها وقبوله كحقيقة جمالية تكاملية إبداعية.

 

 

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرامالنعيم نيوز

لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التاليالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

كما يمكنك أيضا الاشتراك بقناتنا على الانستغرام: النعيم نيوز

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى