أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد وحسينية الإمام الحسن المجتبى (ع) في خانقين منطقة علي مراد بإمامة سماحة الشيخ (حسين المندلاوي) وحضور جمع مبارك من المؤمنين.
وتطرق حسين المندلاوي، في الخطبة الأولى، وتابعتها “النعيم نيوز”،”عنوان الخطبة : أم البنين ( ع ) سيدة الثبات والمبدأ والتضحية”.
في الثالث عشر من شهر جمادى الثاني كانت وفاة أم البنين فاطمة بنت حزام(ع) التي جسدت أرقى أشكال العطاء والتضحية والصبر والثبات عندما قدمت اولادها الاربعة شهداء للدفاع عن اسلام محمد بن عبد الله(ص) في كربلاء.
أم البنين هي فاطمة بنت حزام الكلابيّة. تنحدر من بيت عريق في العروبة و الشجاعة والشهامة، قال عنها عقيل بن أبي طالب : ليس في العرب أشجع من آبائها و لا أفرس.
تزوَّجها الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) ، بعد وفاة فاطمة الزهراء بإشارة من أخيه عقيل بن أبي طالب لكونه عالماً بأخبار العرب وأنسابهم ، حيث كان قد طلب منه الإمام ( عليه السَّلام ) أن يختار له امرأةً قد ولدتها الفحولة من العرب ليتزوّجها فتلد له غلاماً فارساً ، فاختار له أم البنين فاطمة بنت حزام ، فولدت له اربعة ابناء هم : العباس وجعفر وعبد الله وعثمان. وكلهم استشهدوا مع الحسين (عليه السلام) بكربلاء ، ولم يتركوا ذرية لهم غير العباس فقد ترك ولدا يقال له عبيدالله.
وأم البنين ( عليها السلام ) من النساءِ الفاضلاتِ الطاهرات العفيفات، العارفات بحق أهل البيت ( عليهم السلام ) ، المواليات الحقيقيات، وكانت فصيحة ، بليغةً ، ورعة. ذات زهدٍ وتقىً وعبادة.
وقد تميزت هذه المرأة الطاهرة بخصائصها الأخلاقية ، ومِن صفاتها الظاهرة المعروفة فيها هو : ( الوفاء ) . فقد عُرفت أم البنين بشدة وفائها لزوجها علي (ع)، عاشت معه ( عليه السلام ) في صفاءٍ وإخلاص ، وأبت ان تتزوج بعد شهادته وفاءاً له، على الرّغم من تقدم البعض لخطبتها.
وسميت بأم البنين لسببين: السبب الأول: لأن لها من الأبناء أربعة بنين. السبب الثاني: كنّاها علي بن أبي طالب(ع) بأمّ البنين بناءً على طلبها، كي لا يتذكّر الحسن والحسين(ع) أمهما فاطمة عند سماع اسمها، ويشعرون بالحزن عليها.
كانت(رضي الله عنها) عطوفة على أولاد الزهراء(عليها السلام)، تعتني بهم وتشفق عليهم وتهتم بهم أكثر من شفقتها وعنايتها واهتمامها بأولادها الأربعة ، العباس وأخوته(عليهم السلام) .
ولا شك بحسب الروايات ان ام البنين كانت موجودة بعد كربلاء في المدينة المنورة، اي كانت لا تزال على قيد الحيات، وقد وخرجت في استقبال قافلة السبايا والركب الحسيني بعد عودته من رحلة السبي، وهي وان لم تحضر واقعة الطف ولم تكن مع النساء في كربلاء ، إلاّ أنّها واست أهل البيت (عليهم السلام) و ضحَّت من أجل الدفاع عن الإسلام بتقديم أولادها الشباب الأبطال الأربعة فداءً للحسين (عليه السَّلام) ولأهدافه السامي، وعندما وصل الركب الحسيني الى المدينة استقبلته واخبرها بشر باستشهاد اولادها الاربعة.
وهنا في هذا الموقف موقف الام التي تتلقى خبر استشهاد اولادها الاربعة دفعة واحدة ظهرت قوّة إيمانها وولائها لنهج أهل البيت(ع) فهي لم تنهار ولم تصرخ ولم تجزع ولم تولول، بل لم تسأل عن أولادها وكيفية استشهادهم، بل سألت عن الحسين(ع)، عن سيدها وامامها وقائدها، كانت تريد ان تعرف ما الذي حل بالحسين(ع) قبل ان تعرف ما الذي حل باولادها؟!
فقد نعى إليها بشر بن حذلم بعدما وصل المدينة أحد أولادها الأربعة .
فقالت له: أخبرني عن أبي عبد الله الحسين ( عليه السَّلام ) ، فكلَّما كان بشرٌ ينعى إليها أحد أولادها كانت تقول أخبرني عن الحسين (عليه السلام) حتَّى نعى إليها أبا الفضل العباس (عليه السلام) فقالت: يا هذا قطّعت نياط قلبي، أولادي ومَن تحت الخضراء كلّهم فداء لأبي عبد الله الحسين (عليه السَّلام)، فإنّ علاقتها بالحسين(ع) ليس علاقة عاطفية بل علاقة الإمامة والولاية والقيادة ، وان تهوينها على نفسها موت اولادها الأربعة وهم في ريعان الشباب إن سَلِمَ الحسين (عليه السَّلام) يكشف عن مستوى ايماني رفيع.
كانت أم البنين تحب الحسين ( عليه السَّلام ) و تتولاه إلى حدّ كبير يفوق المألوف ، وكانت تفضّله على أبنائها الأربعة كما هو واضح من الرواية اتي ذكرها بشر، وبكت على استشهاده بكاءً شديداً أكثر من بكائها على أولادها ووقفت هذا الموقف البطولي والملفت الذي لا ينمحي من ذاكرة التاريخ أبداً ، هذا الموقف الذي رفع من شأنها و منحها منزلة رفيعة في قلوب المؤمنين، وهذا الموقف تعلم منه امهات الشهداء في المقاومة روح الايثار والعطاء والتضحية والصبر والثبات فكانوا كأم البنين في ذلك كله.
اولاً: في رعايتها للحسن والحسين(ع) في بيت امير المؤمنين وتقديمهما حتى على أولادها، فعادة يقال: أن زوجة الأب أي الخالة لا تملك عاطفة وحناناً تجاه أبناء زوجها وأحيانا قد تكون ظالمة لهم..! إلا أن أم البنين (عليها
وحنانها واهتمامها وكانت تحسن اليهما كما تحسن الأم لأولادها، إنها إمرأة استثنائية.. إمرأة مؤمنة، عارفة، وذات إيمان راسخ بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) وبولايةالحسن والحسين(ع)، لذلك كانت تقوم برعايتهم وخدمتهم بأفضل ما يكون إنطلاقا من محبتها لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ورجاء شفاعة أمهما السيدة فاطمة الزهراء، سلام الله عليها.
لم يعرف التاريخ امرأة كأم البنين (عليها السلام) في كرم أخلاقها، وطيب منبتها، وإيمانها بمبادئ الرسالة ، كانت تهتم بالحسنين(عليهما السلام) باعتبار أن ذلك تكليفها ومسؤوليتها لأنهما حجج الله وأولياء الله.. لذلك لم ينس الحسنان (عليهماالسلام) ولا أختهما العقيلة زينب (سلام الله عليها) هذا المعروف، فكانت السيدة زينب تهتم بها بعد وفاة أبيها وتتردد لزيارتها باستمرار.
ثانيا: من وفائها لزوجها عدم زواجها من احد بعده(ع) فقد اعتزلت الزواج وفاءا لأمير المؤمنين(ع) بالرّغم من تقدم البعض لخطبتها، وممن تقدم لخطبتها أبو الهياج بن أبي سفيان الحارث، وقابلت طلبه بالرفض القاطع وأكملت حياتها على ذكرى زوجها علي بن أبي طالب(ع).
ثالثاً: من وفائها أيضا تعلقها الخاص والشديد بالحسين(ع) وحبها له، فقد كانت أم البنين تحب الحسين ( عليه السَّلام ) حباً شديداً، و مما يدلّ على ذلك موقفها البطولي لدى وصول خبر إستشهاد الإمام الحسين ( عليه السَّلام ) إلى المدينة ، الموقف الذي لا ينمحي من ذاكرة التاريخ أبداً ، هذا الموقف الذي رفع من شأنها و منحها منزلة رفيعة في قلوب المؤمنين .
يقول المامقاني في تنقيح المقال : ويستفاد قوّة إيمانها و تشيّعها من أنّ بشراً بعد وروده المدينة نعى إليها أحد أولادها الأربعة.
فقالت ما معناه : أخبرني عن أبي عبد الله الحسين ( عليه السَّلام ) ، فلمّا نعى إليها الأربعة .قالت : قطّعت نياط قلبي ، أولادي ومَن تحت الخضراء كلّهم فداء لأبي عبد الله الحسين ( عليه السَّلام ) .
هذا الموقف يكشف عن إيمان راسخ لا يملكه سوى عوائل الشهداء والمضحون في سبيل الله.
أما تضحيتها فقد تجلت في كربلاء، فهي لم تكن في كربلاء ولم تشهد واقعة الطف ، إلاّ أنّها واست أهل البيت ( عليهم السلام ) و ضحَّت من أجل الدفاع عن الدين بتقديم أولادها الأبطال الأربعة فداءً للحسين ( عليه السَّلام ) ولأهدافه السامية . ثم واصلت جهادها الإعلامي بعد مقتل سيد الشهداء و وصول أهل البيت ( عليهم السلام ) إلى المدينة المنورة ، فكانت تخرج كل يوم إلى مقبرة البقيع و معها عبيد الله ولد ولدها العباس ، فتندب أبناءها الأربعة أشجى ندبة ، فيجتمع الناس إليها فيسمعون بكاءها و ندبتها و يشاركوها العزاء ، كما كانت تقيم مجالس العزاء في بيتها فتنوح و تبكي على الحسين ( عليه السَّلام ) و على أبنائها الشهداء الأربعة ، ولم تزل على هذه الحال حتى التحقت بالرفيق الأعلى .
الولاء والوفاء والتضحية نتعلمها من ام البنين ومن كل أمهات الشهداء اللاتي قدمن فلذات أكبادهن في سبيل الله.
نتعلم منها ومن كل عوائل الشهداء، كيف نكون أوفياء لنهج الولاية، وكيف نكون اوفياء للشهداء وعطاءاتهم وتضحياتهم، وكيف نكون أوفياء للذين حملوا قضايانا ودافعوا عنا وعن ارضنا وبلدنا وكرامتنا وحريتنا.
أم البنين كانت واحدة ممن قام بجهاد إعلامي لتخليد ثورة الحسين في وجدان الامة وتخليد ذكرى الشهداء، فكانت تخرج كل يوم إلى مقبرة البقيع و معها عبيد الله ابن ولدها العباس ، فتندب أبناءها الأربعة أشجى ندبة ، فيجتمع الناس إليها فيسمعون بكاءها و ندبتها و يشاركوها العزاء ، و كان مروان بن الحكم على شدّة عداوته لبني هاشم ييأتيجيء فيمَن يأتي ، فلا يزال يسمع ندبتها و يبكي، كما كانت تقيم مجالس العزاء في بيتها فتنوح و تبكي على الحسين ( عليه السَّلام ) و على أبنائها الشهداء الأربعة ، و لم تزل حالتها هذه حتى التحقت بالرفيق الأعلى .
وإظهار البكاء من قبل مروان بن الحكم، قد يكون تصنعا من نوع البكاء الكاذب ، وهذا ليس بعيدا عن شخصية مروان المنافقة ، حيث أنه قد يعمل الشيء وضده. إذا رأى في ذلك مصلحة له.. فهو على عدائه المعروف لأهل البيت(ع) قد يكون قد اتخذ من البكاء وسيلة للتدليس على الناس من اجل كسب ودهم واظهار انه ليس راضيا عما جرى في كربلاء امام انصار اهل البيت. فحضوره في جبانة البقيع وإظهار شخصه أمام السذج بمظهر المتعاطف هو شيء يعمل به المنافقون من امثاله . فكم وجدنا من السياسيين والزعماء من يقتل القتيل ويمشي في جنازته باكيا .
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز