مقالات
أخر الأخبار

استثمار خبرات المتقاعدين

كتب إبراهيم سبتي: هل ينبغي الاستفادة من الموظف المتقاعد بعد انتهاء خدمته المدنية؟ أعتقد أن الجواب ملتبس قليلاً، لأن كل الأجوبة الجاهزة تقول بأن المتقاعد لا يستطيع عمل أي شيء، بعدما أعطى كل ما عنده أثناء خدمته، وصار تاريخاً مرّ ومضى وركن نفسه بجانب الحائط متفرجاً لا أكثر.

 

ويستدل البعض على هذا القول باعتبار أن السن التقاعدية المعمولة به في القانون، وعدد السنوات التي قضاها ونالت منه وأجهدته، لا يُسمحن له بالقيام بأي نشاط، لأنه سيعاني في هذا العمر، من أمراض الشيخوخة التي تنتظره أو قل ربما هو مصاب بأمراض مزمنة أصلاً، فيتعذر زجه في أية أعمال تجهده أو تنال من وضعه الجسدي المتعب.

ولو تفحصنا الأمر بدقة وبدراسة جميع الجوانب الصحية والعقلية والفكرية والخبرة المتراكمة، علينا أن نخرج بنتيجة تقول بأن جزءاً كبيراً لا يستهان به من المتقاعدين سيكونون سعداء بالعمل ثانية في دوائر الدولة، أو في القطاع الخاص. وهنا يمكن للخبرات المتراكمة أن تلعب دورها الصحيح والفاعل في المساهمة والمشاركة، في أي دور يناط بهم.

إن البعض من الذين خرجوا من الخدمة الفعلية، كانوا يعملون بصفة خبير أو طبيب أقدم أو مدرس أقدم أو موظف متميز أو أكاديمي ناجح.. هؤلاء هم نخب متميزة يمكن الاستفادة من أنشطتهم الذهنية والفكرية والعقلية في منح المشورة لإنجاز عمل ما، أو تنفيذ برنامج معين.

أما الاعتذار أو وضع الصعاب أمامهم مقدماً لعدم استقدامهم للعمل إن وجد، فهذا أمر يجب إعادة النظر به ودراسته بتركيز والنظر إلى مدى إمكانية بعض العقول في رفد الساحة الوظيفية أو القطاع الخاص بمعلومات وخبرات، قد لا يمكن العثور عليها بسهولة.

إن المتقاعد المنتج، هو ابن الدولة وابن المجتمع وسليل الوظيفة مهما كان نوعها. وقضية الاستفادة من خبراته ربما تصنع تقليداً يمكن السير بموجبه من أجل تمكين المتقاعد من أصحاب الكفاءة والخبرة، من دمج خبراته في الأعمال والتخصصات التي تحتاجها لرفع منسوب تطورها.

إن الخبرات المتراكمة جاءت من خلال السنوات الطويلة، التي بذلها الموظف في خدمته ولم تكن من السهولة أن تصنع خبيراً أو عقلاً منتجاً، ما لم يكن هو من استطاع أن يوظفها في المجال الصحيح.

إن إعادة بعض هؤلاء الذين أعطوا الكثير وبذلوا عصارة جهدهم وأفكارهم لخدمة الوظيفة، سيكون نوعاً من تثمين قدراتهم ومنحهم شعور الاهتمام وتعزيز الثقة بأنفسهم بعد مغادرتهم للوظيفة.

إن هؤلاء أو لنقل من يستطيع العمل ثانية، قد قدموا أثناء الوظيفة الكثير من الخدمات والعطاء وتجاوزوا الكثير من العقبات والصعوبات والخسارات التي صادفوها في حياتهم الوظيفية، لذا اعتقد أن الاستفادة من مهاراتهم وسلوكياتهم، قد يبث الثقة والصدق في نفوس الموظفين الشباب الذين يمكن أن يتعلموا الخبرة والإتقان والإبداع والإجادة وعكسها في واقع العمل، الذي يتطلب منهم التميز والابتكار.

إن الاستفادة من المتقاعدين الأكفاء والذين يستطيعون تقديم خبراتهم دون مصاعب، هو السبيل بأن يكونوا قد ساهموا في بناء مجتمعهم الذي هم جزء منه وإعادة الثقة بقدراتهم ثانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى