كتب مهند الهلالي: اختلفت الآراء والمواقف في ما يتعلق بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية المبكرة من عدمها. لاسيما بعد تبني بعض القوى السياسية خيار عدم المشاركة في وقت لم تحث تلك القوى ذاتها على مقاطعتها. غير أن انسحابها أو التلويح بذلك أتى ضمن خيارات التعبير عن اعتراضها. بشأن بعض القضايا التي تراها بأنها قد تعرقل انسيابية العملية الانتخابية.
إن الاختلاف أو الانقسام في الشارع حول الانتخابات نراه بحسب وجهة نظرنا يبتعد عن الأطر المنطقية للموقف الصائب. الذي لا بد أن يكون مبنياً على معطيات عقلية مستندة إلى وقائع وأدلة ملموسة تستحق أن تبنى عليها قرارات مصيرية. تتعلق بمصير البلد أو الأمة.
إن العراق الجديد الذي بدأت ملامحه بالظهور عام ألفين وثلاثة. أي: حين تغيير النظام الشمولي بالنظام الديموقراطي الحالي لا يمكن له أن يواصل تقدمه. حتى لو كان هذا التقدم بطيئاً إلا وفق الأطر الدستورية والقانونية. كون القرار الفردي تم طي صفحاته وأن استيعاب هذا الموضوع من قبل المواطن العراقي نراه ضرورة في هذه المرحلة.
فاحترام الآراء ضروريّ لكن تصديرها أو محاولة فرضها على الآخرين يعد انتهاكاً لحرية الناس. الذين ليس بالضرورة أن يكونوا متفقين أو متوافقين مع صاحب الرأي المعني بالحديث سالف الذكر.
ومما تقدم أردنا الإشارة إلى أن مبدأ احترام الرغبة المجتمعية الشاملة يحث الجميع على تبني تلك الرغبة. حتى وإن اختلفت مع توجهاتنا أو توجهات فئة شعبية كبيرة لسبب يسير. وهو أن الاستحقاق لا يختص بشخص أو فئة معترضة بقدر ما هو مرتبط بمصير ومستقبل المجتمع ككل.
هنا نرغب بالتأكيد على أهمية الانتخابات المقبلة التي ستأتي بعد مخاض عسير. عاشه العراقيون بين متغيرات ومتناقضات متعددة على مدى السنوات الثماني عشرة الماضية.
فما بين نجاح وإخفاق نزاهة وفساد تهاوى البلد في ثنايا حلقة مفرغة يدور فيها المواطن من دون أي حلول ناجعة تقوده إلى بر الأمان. ولأن الحلول التي يحتاجها المواطن الذي جرب كل ما يمكن القيام به لا تتأتّى الا بالتغيير السياسي الديموقراطي.
فنحن أمام تحد كبير وأمانة في غاية القدسية يحتم على الجميع المشاركة في خط أحرفه وصولاً إلى المبتغى الذي نطمح له وهو الإصلاح السياسي والإداري. هذا الإصلاح الذي نرى أنه ليس بالضرورة أن يكون شاملاً لتجذر مبادئ الفساد في نواح مجتمعية كثيرة. إلا أنه قد يأتي تدريجياً.
وإن دورنا يكمن في اختزال عامل الوقت من طريق سعينا للوصول إلى درجة متقدمة من ذلك الإصلاح عبر مشاركتنا في إيصال من نرى أنه الأصلح في تمثيلنا برلمانياً. مع التذكير أن الجهة التي يتبع لها هذا المرشح أو ذاك قد لا تكون مهمة بقدر نزاهة الشخصية التي نطمح وصولها للبيت التشريعي وبقدر طهرها. فالمعركة مع الفساد أكثر ضراوة برأينا من أغلبية سين أو صاد من الأحزاب أو القوى السياسية. وإن تلك الأحزاب أو القوى لا يمكن لها أن تجبر النائب على تغيير مبادئه أو قيمه إنْ كانت ذاته العليا تملك من الرقي الذي تحدثنا عنه.
إذن، فمسؤولياتنا أمام أهلنا ومجتمعنا تدفعنا لاختيار الإنسان القويم وعدم فسح المجال لتلك الشخصيات المتسلقة بالوصول مجدداً إلى مجلس النواب ومن ثم عقد الصفقات. وصولاً لاستمرار حالة الفساد التي باتت ظاهرة شبه طبيعية في المجتمع السياسي ومحيطه الاجتماعي.
إن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي بعد تلك الانتفاضة الشعبية التي قادها العراقيون من دون تحزب أو تخندق طائفي أو دفع خارجي كانت تدفع باتجاه تلك الانتخابات. وإن دعوة المرجعية الرشيدة لها في ذلك الحين، ما هي إلا مسؤولية مضاعفة تقع على عاتقنا كجزء من العرفان للدماء الزكية التي سالت في سبيل الإصلاح وإنقاذ البلاد من الظلمة الحالكة. التي وصلت إليها نتيجة للسياسات غير الصحيحة. فضلاً عن عدم تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية. من قبل العديد من النخب السياسية سواء السابقة أم الحالية.
وبالتالي إن التغيير بات مطلباً مهماً لإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل فوات الأوان يوم لا ينفع الندم أو الحسرة على فعل كان بالإمكان أن يكون لنا دور فيه ولم نفعل. وحتى لا نصل تلك المرحلة فأن الركون للعقل في تحديد خياراتنا بالمشاركة أو عدمها بات واجباً ومسؤولية وطنياً لا يمكن إغفاله أو إهماله. فضلاً عن ضرورة تحديد الخيارات الصائبة أثناء الانتخاب وليس المشاركة فقط. لأن المشاركة من دون اختيار صائب لن تكون ذات أهمية أو بصمة كتلك التي نحث عليها. سواء في حديثنا الحالي أم مناسبات أخرى.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية