أعلنت الهيئة العامة للآثار والتراث في وزارة الثقافة والسياحة الآثار، اليوم الجمعة، أن موقع كنيسة “الاقيصر الآثاري” في محافظة كربلاء من المواقع المتأثرة سلباً بعوامل التغيّرات المناخية التي باتت تشكل مشكلة حقيقية تهدد باندثار تلك الكنيسة التي تُعد من أقدم الآثار للديانة المسيحية في العراق.
وقالت الهيئة في بيان تلقت “خليك ويانة” نسخة منه. أنها تدرسُ بالتعاون مع فريق التغيُّرات المناخية ، تأثيرَ التغيَّراتِ المناخية والتطرفات المرتبطة بها على الآثار العراقية وقد اتَّخذتْ من موقع” الأقيصر الآثاري” نموذجاً لهذا التأثير .
وفي السياق ذاته، أكدَّ مديرُ عام دائرة ِ قصر المؤتمرات رئيسُ فريق التغيَّرات المناخية في وزارة الثقافة منتصر صباح الحسناوي خلال زيارةٍ ميدانيةٍ تفقديةٍ للموقع الآثاري أهمية حماية التراث الحضاري العراقي من تأثير المخاطر المرتبطة بالتغيّر المناخي عن طريق تطوير إستراتيجيات التكَّيف للحفاظ على الممارسات الثقافية والمواقع الآثارية والتراثية في البلاد.
وأوضح الحسناوي، أن الجولة الميدانية جرت بمعيِّة فريقٍ من مفتشية آثار محافظة كربلاء وبالتنسيق مع أساتذة متخصصين من جامعة الكوفة وعدد ٍمن الباحثين المعنيين بالشأن الآثاري.
وتُعد كنيسة “الاقيصر” الأثرية من أقدم الآثار المسيحية في العراق إذ يرجع تاريخ بنائها إلى القرن الخامس الميلادي، ويقع موقعها في صحراء قضاء “عين تمر” على بعد 70 كم من جنوب غرب محافظة كربلاء، وتبعد 5 كم عن حصن الأخيضر الآثاري.
وتشير الأبحاث والآثار والمصادر التاريخية إلى أن هذه الكنيسة بُنيت من قبل الثائرين المسيحيين من الطائفة النسطورية على الكنيسة البيزنطية الذين وجدوا مأمنهم وممارسة حرية طقوسهم وعباداتهم في ظل دولة المناذرة اللخميين (268-633م) التي كانت خاضعة للدولة الساسانية وكانت تدين بالمسيحية.
وقد ازدهرت النسطورية في ذلك العهد وساعد على ذلك ترحيب الأكاسرة الساسانيين بهذه الطائفة لأن الساسانيين كانوا يخوضون حروباً مع الرومان الذين يعتنقون الأرثوذكسية.
ولا تزال آثار الكتابات الآرامية على جدرانها، إضافة إلى وجود المذبح الذي يتجه نحو القدس وهو مرتفع عن باقي أرضية الكنيسة، وتبلغ مساحة هذا المكان الكلية حوالي أربعة آلاف متر مربع بما فيها المقابر والأبراج والأديرة والخزائن.
وتقع خارج سور كنيسة الاقيصر كنيسة أخرى تم اكتشافها وهذه الكنيسة خاصة بمراسيم وطقوس دفن الموتى المسيحيين، وتم اكتشاف عشرات القبور التي تتجه مقدماتها إلى القدس، كما توجد قرب الكنيستين العديد من التلول مما يوحي إلى وجود مدينة كاملة كانت قربها.
وبعد اكتشاف الكنيسة من قبل بعثة التنقيب كان المسيحيون يأتون لزيارتها سنوياً خلال أعياد الميلاد لإقامة القداس فيها رغم فقدان سقوفها من أمد بعيد، ولكن جدرانها وإطلالتها لا تزال شاخصة.