علي المرهج
لا يختلف مفهوم التقويض عن مفهوم {الهدم}، فتقويض البناء يعني هدمه، وقد يأتي التقويض بمعنى {التفريق} فتقويض الصفوف في الحرب، يعني تفريقها، وقد يرادف معنى {الإبدال} أو {التعويض} بمعنى تعويض شيء بشيء آخر.
عمل هيدغر على تقويض الميتافيزيقا وهدمها، لأنها تنطوي على الاستغراق في الذاتية، لذا ينتقد ما أسماه “نسيان الوجود” والانشغال بالموجود، فغُيب الوجود لصالح الموجود، وكما يرى هيدغر أن لا معنى للموجود من دون الوجود، ليؤكد أن قيمة الموجود مرهونة بارتباطه كينونياً بالوجود، لأن المجال الذي يكشف لنا عن قيمة الوعي الذاتي لا يكون اتجاه الموجود، بل اتجاه الموجود الكائن في هذا الوجود وصيرورته، لأن الوعي بالذات مثلما يذهب لذلك ديكارت يعني أنني أفكر في وعي ذاته، بينما التفكير عند هو “التفكير في شيء” أو الشعور به، اي ارتباط وجود الموجود بالعالم لا بوعي الذات لذاتها.
يجد هيدغر في اللغة وسيلة للتعبير عن “الأنا” بنزوعها الفرداني أو بتواصلها مع هذا “الآخر” للإعلان عن وجودها المُتفرد الذي لا معنى له في حال (نسيان الكينونة)، وهذا من معاني جملة “هيدغر” (الوجود ـ مع ـ الآخرين)، لأن الذات لا تشعر بوجودها بمعزل عن الآخرين، وكل شعور فردي يُمكن أن يُوهمنا بأننا موجودون وحدنا دون الآخرين، إنما هو نوع آخر من الشعور بالوجود لا يُغادر منطقة الشعور الجماعي، كما يؤكد “هيدغر” لأن “الوجود بدون الآخرين هو نفسه صورة من صور الوجود مع الآخرين”، “وحين يُدرك الإنسان أنه لا يعمل بذاته ولذاته فحسب، بل هو يعمل بغيره ولغيره أيضاً، فهُناك قد يصبح في استطاعته أن يفهم بأنه “يملك” الوجود”، ولكن لا يعني هذا أن “الوجود ـ مع ـ الآخرين” تنازل الفرد عن وجوده الخاص، فالذات الحُرة هي التي لا تخضع للوجود العيني “الزائف، وهي التي تأخذ على عاتقها تحقيق وجودها الفرداني المُفارق للوجود الجمعي المُبتذل، الذي يتماهى بعض الأفراد معه وكأنه سلوك “قطيعي”.
هذا يعني أن هيدعر يرفض أن يتنازل الإنسان عن وجوده الفرداني الخاص، لكنه في الوقت نفسه ينتقد تغييب الذات لصالح الوسط المجتمعي العام، لأن الإنسان الذي يعرف قيمة الوجود الأصيل، هو الذي يعي وجوده المسؤول.
يبحث هيدغر عن استمرار الكينونة، وهذا الاستمرار لا يتحقق في الزمن، بوصفه مقسماً إلى ماضٍ وحاضر ومستقبل، بل يتخطاه، نحو الحضور المستمر مع الزمن من حيث هو ” زمن = ديمومة” بتعبير محمد سبيلا: (مصطلحات هايدغرية)، لذلك يرفض هيدغر تعريف الإنسان بأنه “كائن عاقل” لأن “الإنسان هو الكائن المتميز بقدرته على التفكير في كينونته وفي الكينونة العامة”، ولا يعني “الدازاين” عند هيدغر سوى قدرة الغنسان الكائن على فهم “الكينونة”، ولا تتحقق هذه “الكينونة” من دون “الوجدان، والفهم، والقدرة على التعبير، أو اللغة”.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز