
كتب نعيم شريف.. ليسوا بيننا ، هذه لحظةٌ فوتوغرافيةٌ أفلتت من التاريخ وأبَّدت المثول الأخير أمام العالم ، ترون مثلي ذلك الضربُ من “الشيطنة” التي أرغمت على أن تتأدب في حضرة الكاميرا ، لا يجدُرُ بطلاب الصف الربع عام شعبة (د) أن لا يبدو عليهم وقار طلابٍ في الاعدادية .
الصف الأولُ وقوفاً : العدد عشرةُ طُلّاب
الصف الثاني وقوفاً : العددُ تسعةُ طلّاب
الصفُ الثالثُ وقوفاً :العددُ تسعةُ طُلّاب
الصف الرابع جلوساً :العددُ ثمانيةُ طُلّاب
في خط الجالسين ، يجلسُ طفلٌ عن يمينه أربعةُ طُلّاب وعن يساره ثلاثةُ طلاب ، كم عمرهُ ؟
من لباسهم نعلمُ أنَّ الوقت في فصل الخريف ، تُشيرُ الثياب الى انتماء مختلط ، يغلبُ عليه انتماء الى الطبقة الوسطى .
في هذا العمر ، تختلطُ بشكلٍ مُحببٍ “شيطنةٌ الطفولة المتأخرة ” مع ” شيطنة بواكير المراهقة ” ، من مظهرهم ، يبدو عليهم مقدار الجهد الهائل الذي بذلوه كي لاينفجروا ضاحكين .
عددهم ستةٌ وثلاثون طالباً (عالمياً هٌم في عداد الأطفال)، أي : ستةُ وثلاثون أمّاً، و ستّةُ وثلاثون أباً، وستةٌ وثلاثون عائلةً.
في معادلة رياضية أو بحساب العرب: ستةٌ وثلاثون عمراُ، وستةٌ وثلاثون حياةً، وستةٌ وثلاثون حُلماً .
يستطيع أذكى المُحقيين الأمنيين السياسيين ، وكذلك أغبى المُحققين الاتفاق على حقيقة واحدة لا ريب فيها: هؤلاء الأطفال لا يضمرون رغبةً في اسقاط نظام الرئيس صدام حسين ، ولعل أقصى أمانيهم: أن ينقسموا الى فريقين يتنافسان في لعبة كرةِ القدم، وبعدها المزاح الثقيل والضحك من الخاسر في المباراة.
هؤلاء دخلوا صفّهم ، وجدوا على لوحة الدرس ” السبّورة ” عبارة تقول: “يسقط صدام “، ارتاعوا وخرجوا بكُلِّيتهم الى غرفة المدير ، وأخبروه بما رأوا، اتصل المديرُ بالأمن السياسي، اعتقلوا جميعاً، بعد ثلاثة شهور، أعدم كُلُّ من في الصورة بما فيهم الطفل الجالس في الوسط. نحن نتكلّم الآن عن طلاب الصف الرابع شبعة “د” التابعين لإعدادية الكاظمية للبنين .
ونحن في العام 1983.
جديرٌ بالذكر، أن جميع مراسيم أحكام الإعدام التي تصدرها محكمة الثورة تأتي من لجنة تسمى “السلامة الوطنية” وهذه المراسيم يوقّعها الطاغية صدام حسين رئيس جمهورية العراق بقلمه الحبر أحمر اللون مع عبارة “تُقطع الرؤوس العفنة”.