مقالات
أخر الأخبار

الرأي العام والهويَّة الوطنيَّة

كتب وليد خالد الزيدي: ليس بالأمر الصعب إن أردنا تشكيل رأي عام عراقي لحماية المنجزات الوطنية، وكما تطرح المنتديات والندوات حالياً دعوات لأهمية تحقيقه حفاظاً على وحدة المواقف، ليأخذ كل مواطن دوره في حماية البلد ومكتسبات المجتمع.

 

فبعد واحد وعشرين عاماً من التغيير السياسي وما حدث من أزمات أمنية واقتصادية لاسيما فترة إرهاب مجاميع “داعش” واحتلالها بعض المحافظات، ونحن سنوياً نستذكر آثارها بتدمير المدن ورموز دينية وثروات طبيعية وبشرية هائلة، حتى عدت منظمة الأمم المتحدة تلك المناطق مواقع لطمس معالم الحياة وارتكاب المحرمات واغتصاب الحريات، إلى أن جسد العراقيون نبض قلوبهم بحب وطنهم، بعيداً عن الخلافات الجانبية بروح الأخوة وشعور الجماعة وحرروا الأرض والإنسان من تلك العصابات.

لقد توحد العراقيون في قضايا وتجارب سابقة خرجوا منها أقوياء، لا سيما حين اشتداد الأزمات وتكالب العاديات، وبرز دور الشعب بكل فئاته ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات دينية وثقافية وعلمية لتحقيق الوعي وتجسيد الحس الوطني، لطرح القضايا العامة وتوحيد الرؤى وفق ما يمكن تسميته بهيكل سداسي لثوابت العراقيين مثل (نبذ الطائفية، محاربة الإرهاب، مكافحة الفساد، رفض التقسيم، شجب التبعية ومقت الانقلابات)، واعتماد مبدأ الانتقال السلمي للسلطة ومشتركات، نادى بها كل رموز الشعب من رجال دين فضلاء وقادة سياسيين عقلاء وأساتذة أكاديميين علماء ونخب مجتمع حكماء، بهدف حماية البلد واستقلاله وعدم المساس بالنسيج الاجتماعي ورسم ملامح حفظ الوحدة الوطنية الشاملة.

لذا من الممكن أن تظهر الأوساط الثقافية أفكاراً لتشخيص الأزمات وتطرح سبل تجاوزها بحكمة وروية وتوحد خطاباتها للجمهور. إن إبراز ملامح تأثيرات التفاعل الجماهيري العراقي وطبيعة المساهمة في تشكيله بوسائل متعددة لهو أمر متاح من دون النظر إلى محركات السياسة أو سكونها، وبالعودة إلى أحد أبرز منظري الرأي العام المفكر الفرنسي بيير بورديو الذي قال (إننا حينما ننتقل من أيديولوجيات قائمة على أساس سياسي إلى أيديولوجيات أساسها معايير المشاركة الاجتماعية على مستويات عدة والتفاعل بين الناس، ذلك باعتبارها عملية سهلة وغير معقدة)، في إشارة لاتصاف تلك الإيديولوجيات بمرونة جعلتها وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها من فئات اجتماعية واسعة، حتى أضحت أحد عوامل صناعة الرأي العام وتوجيهه بقوة، ليكون جزءاً من البيئة الوطنية التي تعد التآزر المجتمعي وصور التفاعل مع أي نجاحات، بما فيها البرامج الحكومية أحد مقومات حمايتها، وتجسيد لقيم وأخلاق المجتمع.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى