كتب بشير خزعل: قبل 5 سنوات تقريباً ذكرت في تحقيق صحفي تفاصيل ما يتضمنه مشروع (طريق التنمية) من جوانب اقتصادية تنعكس فائدتها على الدولة العراقية برمتها، والتخلص من مشكلات كثيرة تثقل كاهل خزينتها الريعية التي تعتمد 90% على واردات بيع النفط.
فأغلب جوانب الإيرادات الأخرى شبه مختزلة أو محجوبة ولأسباب كثيرة يطغى على البعض منها جانب الفساد في مختلف فترات الحكومات السابقة، مما تسبب في تعطيل مشاريع كثيرة تخص حياة المواطن العراقي في السكن والتعليم والصحة والخدمات.
في الحكومة الحالية أخذت بوصلة تعديل المسار تتجه بالاتجاه الصحيح، نحو استغلال الجانب الاقتصادي في تطوير البلاد وتنوع مصادر دخلها بشكل استراتيجي طويل الأمد، وهذا الأمر يحفظ حق الأجيال القادمة في التنمية والتطور، لا سيما قد تأخرنا كثيراً عن اللحاق بدول المنطقة، بسبب الظروف التي مر بها العراق منذ تسعينيات القرن الماضي وما بعد العام 2003.
مشروع طريق التنمية سيربط العالم عبر العراق، طريقٌ سوف يُسهم في إحداث نهضةٍ اقتصاديَّةٍ كبيرةٍ للبلد، وبرغم رهان البعض على فشله، إلّا أنَّ ما تحقق على الأرض حتى الآن، افشل مساعي الداعين إلى إرباك العمل والتشكيك بكلِّ ما تُنجزه الحكومة، بعد الاجتماع الثاني الذي عقد في بغداد بين وزراء دول، لها تأثير اقتصادي كبير في المنطقة كدولة قطر والإمارات وتركيا.
تم بحث مخرجات اللجان الفنيَّة والاجتماعات واللقاءات السابقة، لتتمَّ بلورتها على أرض الواقع، فبعد إنجاز مرحلة التصاميم الأوليَّة للطريق السككي، وعمليات المسح الطوبوغرافي وتحرّي التربة، ستكون هذه اللجان على وشك إنجاز تصاميم الطريق البرّي السريع.
مشروع عملاق سيُسهم في تحفيز النموّ الاقتصادي وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، وتحقيق التكامل الاقتصادي لدول المنطقة، وسيحقق رخاء اقتصادياً للمواطن العراقي بشكل خاص، فمع افتتاح هذا المشروع ستفتح مصانع ومعامل ومهن مرافقة كثيرة، توفر مئات آلاف فرص العمل لاختصاصات مختلفة حتى الطبية منها، من شط العرب في جنوب العراق وصولاً إلى عمق أوروبا عبر تركيا، طريق بري لا بد أن يكون بمواصفات خاصة تختلف عن باقي الطرق التي نعرفها.
التغيّر أو التبدّل في الأولويات الحكومية المتعاقبة، إضافة إلى التأثيرات السياسية التي قد يتعرض إليها المشروع بسبب وجهات النظر المختلفة من الناحية السياسية، تمثل عقبة أساسية أمام الشروع به، والعراق بحاجة إلى الإجماع وخلق قناعات شعبية حول استقلالية المشروع، من حيث الإدارة والهدف النهائي ومسؤولية الحكومة بخلق القناعات الراسخة بعدم وجود أجندة سياسية للمشروع ترتبط بمحور ما.
ومن الناحية الأمنية، سيكون على الحكومة ضبط مؤشر الأمن في جميع المناطق، التي تنشط فيها الخلايا الإرهابية، التي قد تجد في هذا المشروع مادة حيوية للاستهداف، وعلى الدبلوماسية العراقية تنشيط جهودها لتعزيز لقاءات التفاهم والنقاشات حول المشروع مع دول المنطقة في الخليج، والتي لديها موانئ كبيرة وتشعر بخطر هذا المشروع.
ولا بد أن تمتد تلك الجهود إلى التفاهم مع إدارة قناة السويس في تصنيف وإدارة بعض السلع، التي يتم شحنها عبر الطرق، وإفهام الطرف الآخر، بأن المشروع مكمّل لجهود النقل الدولية وليس بديلاً عنها.