كتب سلام السوداني: ونحن نقترب من موسم درجات الحرارة القياسية، حيث مخاطر الكهرباء من حرائق وصعقات سوف ترتفع، وخلال يومين بدأت حرائق في دارين سكنيين لمعارف لنا، لا بد من استذكار ما تعودنا على ترديده في نشرنا السابق، حول ضرورة تأسيس منظومة رقابة وسيطرة نوعية مركزية للتأسيسات الكهربائية في المباني والدور السكنية، بحيث تكون هذه المنظومة قادرة على الحد من مخاطر الحريق والصعقات الكهربائية، في المباني والدور السكنية.
لا شك أن هذه المنظومة سوف تضع نصب أعينها المنظومات الرقابية المتبعة في الدول التي سيطرت على حوادث الشبكة الكهربائية في الدور السكنية والمباني، والتي من ضمنها، السيطرة النوعية على جميع مواد للتأسيسات الكهربائية المصنعة داخلياً والمستوردة خارجياً، وضع منظومة رقابة صارمة لتصنيف العاملين في منظومة التأسيسات الكهربائية من مهندسين وفنيين وعمال من خلال تأهيلهم، ومنحهم شهادات وهويات ممارسة مهنة وعدم السماح لمن لا يحمل هوية ممارسة المهنة من مزاولتها، كذلك منح شهادات تأهيلية للمقاولين الذين ينفذون الأعمال الكهربائية.
اعتماد منظومة مخططات هندسية متكاملة للأعمال الكهربائية، ابتداءً من المخططات التصميمية والمخططات التنفيذية ومخططات ما بعد التنفيذ، وعدم السماح بتنفيذ أي عمل بدون مصادقة كافة المخططات الفنية، اعتماد مجموعة مخططات خاصة بمنظومة إنذار الحريق ومنظومة إخماد الحريق، على أن تكون هنالك منظومة رقابة دورية لضمان عمل منظومات الحريق، وعلى أن تقوم دائرة الكهرباء بالتأكد من استيفاء جميع شروط السلامة قبل إيصال الكهرباء، وليس كما يحصل الآن حيث أن المجمع السكني الذي نسكنه لم يتم استلامه من قبل دائرة كهرباء المحافظة، بسبب عدم مطابقة الأعمال الكهربائية المنفذة في المجمع مع متطلبات دائرة كهرباء المحافظة، بالرغم أن المجمع السكني قد بيع للمواطنين قبل 12 سنة وتم إشغال المجمع، وهو يتعرض إلى حرائق وانقطاعات مستمرة.
إن العراق كان من الدول الرائدة في مضمار الرقابة والسيطرة النوعية على الأعمال الكهربائية في الدور والمباني العامة، ولكن بعد عام 2003 وهو العام الذي شهد تراجع المنظومات والبنى التحتية للمؤسسات العراقية، بينما دول الجوار ودول العالم شاهدت تحولات نوعية في كافة المجالات، مما جعل العراق يعاني كثيراً من تخلف منظوماته الإدارية والفنية، والتي أدت إلى ظهور مشاكل حقيقية في نواحي الحياة كافة.
ولكن من حسن الحظ، لا يزال العراق يمتلك الخبرات والطاقات الحقيقية التي بإمكانها وضع الأمور في نصابها الصحيح، من أجل أن يأخذ العراق دوره ومكانه ومكانته في الحياة، لكي يجاري التطورات ويتخلص مما لحق به من الأضرار والتراجع.
هذه دعوة إلى كل العراقيين المخلصين، سواء من ذوي الخبرات المحلية والدولية في مجال منظومات الرقابة والسيطرة النوعية على التأسيسات الكهربائية للمباني العامة والسكنية، وكذلك الدعوة موجهة لأصحاب القرار في إطلاق وقفة وطنية من خلال مؤتمر وطني، أو ندوة مفتوحة لمراجعة واقع الحال المتردي للتأسيسات الكهربائية للمباني العامة والسكنية، ووضع قوانين وتدابير وعلى غرار ما معمول به في كافة دول العالم التي تسير بالاتجاه الصحيح في هذا المضمار.
وكلنا أمل أن تجد هذه الدعوة صداها لدى الحكومة الموقرة بجميع دوائرها المعنية بهذا الأمر، وهي وزارة الإسكان ووزارة الكهرباء ووزارة الداخلية/ الدفاع المدني، اضافة إلى رعيل المهندسين الأوائل والجدد المخضرمين، الذين شاركوا في هكذا منظومات سواء داخل أو خارج العراق.