أعلنت إنكلترا وويلز عن ثورة تكنولوجية وطبية حقيقيَّة، تَعِدُ “بتغيير حياة” نحو 150 ألف شخص يصارعون “مرض السكري من النوع الأول” Diabetes Type 1، على أمل أنْ تحذو قريباً دول أخرى في المملكة المتحدة حذوهما في هذا المجال.
وقد وافق “المعهد الوطني للتميز السريري” National Institute for
Clinical Excellence (NICE) على طرح ما يعرف باسم “الحلقة المغلقة الهجينة” Hybrid Closed Loop (HCL) (مضخة قادرة على إيصال الإنسولين إلى الدم وتحسين مستويات الغلوكوز فيه)، وهي ليست بنكرياساً اصطناعياً تماماً، ولا تعد علاجاً، لكنها تطور مهم بالنسبة إلى الأفراد الذين تقوم أجهزتهم المناعية بتعطيل أداء البنكرياس، كما حصل معي عندما كنت ما أزال في الثانية من عمري فقط.
كيف تعمل هذه التقنية؟ تقوم عملياً باستخراج القراءات من جهاز “المراقبة المستمرة للغلوكوز” Continuous Glucose Monitor (CGM) – الذي يضعه عادةً الأفراد المصابون بداء “السكري من النوع الأول” على ذراعهم، وتستخدم خوارزمية متطورة لأتمتة عملية توصيل الإنسولين إلى الجسم من خلال المضخة.
وقد صمم هذا النظام على نحوٍ يمكنُ تطويره وتعزيز فعاليته بشكلٍ تدريجي على مرّ الزمن، ما يوفر مزيداً من العلاج المخصص، بالتالي يسهمُ في إحداث تحولٍ كبيرٍ في حياة مستخدميه.
ويشكل في الواقع إنجازاً بارزاً في مجال “الذكاء الاصطناعي” AI!
لماذا هو مهم؟
لأن الأفراد الذين يعانون من هذه الحالة يواجهون في الوقت الراهن تحدياً يتمثل في اتخاذ عدد من القرارات الشخصية الصغيرة يومياً، بدءاً من إدارة نظامهم الغذائي في تناول الطعام والشراب، وحتى إدخال الإنسولين الاصطناعي إلى جسامهم.
تصبح العفوية ترفاً مفقوداً، ما يتطلب تخطيطاً دقيقاً قبل كل وجبة، أو جلسة تمرين، أو الركون إلى النوم.
وكثيراً ما يضطرب النوم، بحيث يضطر عديد من الأشخاص، مثلي، للنوم مدة ثلاث ساعات فقط، أو حتى أقل في بعض الأحيان.
وسيرى أغلب الأفراد المصابين بداء “السكري من النوع الأول”، أن هذا العبء قد أزيح عن كواهلهم في السنتين المقبلتين.
وكما ذكرت منظمة “جي دي آر أف” JDRF – وهي مؤسسة خيرية لمكافحة مرض “السكري من النوع الأول” – فإنه “من خلال أتمتة ما تعد عمليةً يدويةً شخصية، يمكن لمضخة “الحلقة المغلقة الهجينة” أن تخفف العبء المستمر عن المرضى وتقليل احتمال إصابتهم بالإرهاق”.
هذه التكنولوجيا الناشئة من شأنها أن تحدث أيضاً تحولات جذرية لدى الشباب والنساء الطامحات لإنجاب أطفال، والأفراد الذين قد يواجهون صعوبات في التعرف على مستويات السكر المنخفضة في الدم بشكل خطير Hypoglycaemia، والذين يواجهون تحديات في السيطرة عليها، بالتالي يواجهون خطر حدوث مضاعفات خطيرة مثل بتر الأطراف، والعمى، وأمراض الكلى.
فهي تستحضر ذكريات من الطفولة مثل: “لا تلمس قطعة الشوكولاتة وإلا سينال منك عفريت ’السكري من النوع الأول”.