ح3 تتمة البحث حول الاجتهاد والتقليد
بعض الاشكالات وردودها بالاجتهاد والتقليد
ج- نقول نعم ان الله تعالى قد جعل هناك حكم لكل واقعة قال تعالى { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] .
ولكن في الكتاب آيات محكمات وأخر متشابهات كما قال تعالى { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7].ومعرفة تلك الآيات تشق على ذوي الاختصاص فما بال عامة الناس.
– أشكال: ولكن أغلب الأحكام الفقهية هي أحكام ظنية وليست قطعية .
قال تعالى في محكم كتابه { قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} [الأنعام: 148]،{مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ } [النساء: 157] ،{ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: 36] ،((قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إياكم والظن فإن الظن أكذب الكذب)). فكل هذه الآيات تفيد عدم اتباع الظن فانه لا حجية له ولكننا نرى ان المجتهدين يعتمدون عليه.
ج- وإن كان قول المجتهد ظنّي لا قطعي ، ولكنّه ظنّ قامت الأدلّة على إتباعه ، وجعله الشارع المقدّس طريقاً للوصول إلى أكثر الأحكام الشرعية ؛ إذ لا طريق لنا غالباً في معرفة الأحكام إلاّ عن طريق الرواة والفقهاء ، وهو يصيب الواقع في أكثر الأحيان لا في جميعها ، فكانت المصلحة بجعل التقليد طريقاً لذلك ، واحتمال الخطأ بنسبة قليلة يمكن التسامح به ، وعدم الاعتداد به عند العقلاء.
وقد يجاب أيضا بان هذه الآيات تفيد عدم حجية الظن في (أصول الدين) فانها عموماً تتحدث عن هذا الحقل، لا عن الظن في الأحكام الشرعية فلاحظ نفس الآية التي استدل بها (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [3] فالكلام عن سبيل الله تعالى وهو أصول الدين، إضافة إلى أن أكثر أهل الأرض يُضِلّون حسب الآية، والفقهاء هم أقلّ أهل الأرض وهم ممن قال عنهم أمير المؤمنين (عليه السلام): ((أَيُّهَا اَلنَّاسُ لاَ تَسْتَوْحِشُوا فِي طَرِيقِ اَلْهُدَى لِقِلَّةِ أَهْلِهِ)).
و ان العلم ليس بداخل في أدلة الردع عن الظن لأنه ليس بظن كما هو واضح، ودليل حجية التقليد، كما سيأتي، مفيد للعلم بحجيته فالتقليد خارج موضوعاً عن أدلة عدم حجية الظن.
و على فرض دعوى الإطلاق، فانه ما من عام إلا وقد خص فيخرج من ذلك ما دل الدليل الشرعي على حجيته، ومنها نفس الظواهر فان الاستدلال بالقرآن الكريم عادة يكون بظواهره، وهل تلتزمون بعدم حجية عامة ظواهر الكتاب لأنها ظنية؟
والحاصل: ان كل ما كان علماً بذاته أو بدليله الدال على حجيته، فليس من الظن في شيء. ومادام الشارع قد اعتبر الظواهر وأخبار الثقات وفتاوى العلماء حجة، فلا نحتمل الضرر أبداً إذا أطعنا الشارع في إتباعنا للفقهاء.
واما الرواية فإضافة إلى ما سبق فان المستظهر أن المراد هو (سوء الظن) بقرينة قوله (صلى الله عليه وآله): (اكذب الكذب) لا مطلق الظن؛ لوضوح ان الظن أقسام فقد يكون صادقاً وقد يكون أصدق الصدق، قال تعالى: (قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ). هذا إضافة إلى ان الاستدلال بالرواية إنمـا هو بظاهرها إذ ما هو المراد من (الظن) في (إياكم والظن)؟ فان قلت انه (مطلق) فقد استدللت بالظن إذ الإطلاق ظني، ويحتمل (على الأقل) انه أراد حصة خاصة وهي (سوء الظن) كما ذكرنا، فكيف تتمسك بالظني لنفي حجية الظن؟
التخيير ووجوب التقليد
اشكال: إن رواية (فللعوام أن يقلدوه) تخير العوام في أمر تقليد الفقهاء وتكذِّب قول الفقهاء من انها تؤيد وجوب التقليد.
ج: 1-ان التخيير هو لأن للعوام طريقين آخرين: الاجتهاد أو الاحتياط وليسوا مجبرين على التقليد، لكن لا يجوز ترك الثلاثة جميعاً، والفقهاء لا يقولون بوجوب التقليد تعييناً بل بالوجوب التخييري للاجتهاد أو التقليد أو الاحتياط.
2- حيث كان ذلك عقيب توهم الحظر (إذ البعض حرّم التقليد مطلقاً) لذا ناسب التعبير باللام أي (للعوام) لا بـ (على).
-إشكال آخر: ولكن السنة النبوية والروايات الواردة عن أهل البيت كفيلة بتبيان الأحكام كما كان يُعملُ في السابق فلا لزوم للاجتهاد وكذلك لا لزوم للتقليد.
ج-إن تحصيل الأحكام آنذاك كان متيسراً بعض الشيء لقرب العهد بالرسول صلى الله عليه وآله ومن بعده المعصومين عليهم السلام وأصحابهم الخلّص وتوفر القرائن وإمكان السؤال المفيد للعلم القاطع .
أما اليوم فهو صعب لكثرة الأحاديث ودخول الدس فيها والوضع وتوفر دواعي الكذب فالعقل يوجب وجود شخص متخصص ذا دراية بالأسانيد والرجال والأحكام واللغة والتفسير وعلوم القرآن وأسباب النزول الخ من العلوم .
يتبع إن شاء الله
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
لا تنسى الاشتراك بقناتنا على الانستاغرام: النعيم نيوز