أقام مكتب سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي في السيدة زينب (ع) بسورية، أمس الاثنين، ندوة ثقافية، في معهد البصيرة القرآني بعنوان: (طلب العلم والعفاف ركيزتان أساسيتان في بناء شخصية المرأة المؤمنة)، حاضر فيها موفد المرجعية الدينية الرشيدة في النجف الأشرف إلى سورية الأستاذ والباحث في الحوزة العلمية الشيخ ميثم طالب الفريجي.
وذكر مكتب المرجع اليعقوبي، في بيان تلقت “النعيم نيوز” نسخة منه. أن “الشيخ الفريجي، تحدث مع كادر وطلبة معهد البصيرة القرآني – التابع لمكتب المرجعية الرشيدة – قائلاً: المستفاد من آيات القرآن الكريم والروايات الإسلامية أنّ العفّة تعدّ من أعظم الفضائل الأخلاقية والإنسانية. ولا يمكن لأيّ شخص أن يسير نحو الكمال الإلهي من دون التحلّي بها. ونجد في حياتنا الدنيوية أنّ كرامة الإنسان وشخصيته وسمعته رهينة بالتحلّي بهذه الفضيلة الأخلاقية. قال الله تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾”.
وتابع الشيخ الفريجي، “لقد تحدّثت الروايات الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) عن قيمة العفّة. وكونها صفة إنسانية وخلقية ينبغي أن يهتمّ بها الإنسان في تربيته لنفسه، وسلوكه مع الآخرين. وذلك لما يترتّب على سجيّة العفّة من الآثار حتى وضعت العفيف بمنزلة الملائكة، ووصف العفاف بأنّه أفضل من العبادة. عن الإمام علي (عليه السلام): أفضل العبادة العفاف، وعنه عليه السلام في وصيّته لمحمد بن أبي بكر، لمّا ولاه مصر: يا محمد بن أبي بكر، اعلم، إنّ أفضل العفّة الورع في دين الله والعمل بطاعته…. وعنه أيضاً: ما المجاهد الشهيد في سبيل الله بأعظم أجراً ممّن قدر فعفّ، لكاد العفيف أن يكون ملكاً من الملائكة. وهي أفضل شيمة، وعنه عليه السلام: العفّة أفضل الفتوّة، وعنه عليه السلام: زكاة الجمال العفاف، وعنه عليه السلام: والعفاف زينة الفقر”.
وأشار الشيخ الفريجي، إلى “معوّقات العفّة وموانعها. إنّ العفّة هي برنامج حياة وخلق وأدب، يجب أن يتحلّى بها من أراد السموّ والمروءة، وما تماسك المجتمعات والأسر إلّا بوجود العفّة القوية الراسخة في ذلك المجتمع. وإنّ من أسباب تفكّك المجتمعات والأسر، هو ضياع العفّة وضعفها، وكثرة الابتذال، والتحلّل من القيود والضوابط الدينية، بلا فرق بين الفقهي، والأخلاقي، والاجتماعي والمالي منها. وأكثر ما يؤدّي إلى الابتذال وضعف العفّة أو عدم وجود العفاف، هو:
1. وسائل الإعلام وما تقدّمه من سموم عبر شاشاتها المختلفة.
2. حملة الإفساد الموجّهة للمرأة، وتزيين الفاحشة لها، وذلك بالدعوة للتبرّج والسفور، وترك الحجاب.
3. تأخّر الزواج عند الشباب، وذلك بسبب صعوبة المعيشة وارتفاع المهور.
4. قلّة الورع، وقلّة الأمانة، وعدم المبالاة بالحلال والحرام.
5. دعاة الفجور ودعاة التحلّل من القيم والفضائل، إنّما غرضهم أن يصبغوا المجتمع المسلم بصبغةٍ غير إسلامية وأن يحوّلوا المجتمع المحافظ على دينه وأخلاقه وقيمه إلى مجتمعٍ منهار القيم والأخلاق.
6. أعداء الشريعة الذين يروّجون للتحلّل من القيم والفضائل، ولهم شُبَهٌ يدلون بها، فيقولون إنّه لا بدّ من إعطاء النّفس مُناها وترفيهها وجعلها ترى وتشاهد ما تفرّج به همومها، وهذا كلّه من المغالطات. فإنّ مقصودهم بذلك فتح الشرّ على مصراعيه وعدم الغيرة على محارم الله. ومن أسباب ذلك أيضًا انخداع بعضهم واغتراره بما عليه الأعداء من فسادٍ في أخلاقهم وقيمهم، ينظر إلى فساد الأخلاق والقيم فيغترّ بذلك، ولا ينظر إلى ما أصابهم من التهوّر وما أصابهم من الأمراض الفتّاكة التي حارت بها عقولهم وضعفت بها نفوسهم. وأصبحوا يعانون من تلك الأمراض والأوبئة ما أقاموا لأجله المستشفيات وأنفقوا الأموال الطائلة ليعالجوا تلك الأمراض الفتّاكة التي حلّت بهم”.
وأضاف، “نعم. إنّ الاختلاط بلاءٌ عظيم، سواءٌ أكان اختلاطاً عامّاً أم خاصّاً، فالاختلاط بين الجنسين في ميادين العمل من أعظم وصمة على الإسلام وأهله، بل هو يفتح باب الشرّ على مصراعيه. إنّ الاختلاط بين الجنسين يقضي على الحياء والفضيلة والعفّة والشرف والكرامة، ويزحزح أمن المجتمع، ويدمّر الأخلاق والفضائل. وهو جريمةٌ لا يرضى بها من في قلبه مثقال ذرّة من إيمان، يرفضها كلّ مسلم ولا يرضاها لنفسه ولا لبناته ولا لأخواته ولا لواحدة من المسلمات. فالاختلاط سواءٌ كان عامّاً أو حتّى بين العوائل، الاختلاط بين غير المحارم أمرٌ منهيٌّ عنه، فلا بدّ للمسلمين من الحفاظ على سلوكهم والمحافظة على أعراضهم. والاعتقاد أنّ الاختلاط جريمة نكراء وبليّة من البلايا ما يليه”.
وأوضح الشيخ الفريجي، أنه “وبناءً عليه، لا بدّ من التذكير بما يحصّن النفس، ويصحّح السلوك ويقوّمه من خلال أمور كثيرة. وهنا يأتي دور طلبة العلوم الدينية والحوزات المباركة خاصة المراكز والحوزات النسوية… ومن هنا تنطلق المرأة لتكون موازية بعملها نساء العقيدة والعفة الصالحات المباركات، ثم ذكر فضيلته شواهد وتطبيقات”.
ولفت، إلى أن “مميّزات المبلغة الرسالية الناجحة. وربما ينفع هنا ذكر بعض ما ينبغي تواجده في المبلغة الرسالية الناجحة من صفات وشرائط تعينها على أداء مسؤوليتها الكبيرة، منها:
أولاً: التفوّق العلمي. والإلمام بأساسيات الشريعة من العلوم الدينية كالعقيدة والتفسير والفقه وسيرة المعصومين، وهذا ما ندعو اليه ونترقبه من الاخوات المبلغات الرساليات، وهو احدى المقوّمات المهمة لشخصيتها، ولها الاسوة الطيبة بالسيدات الفاضلات والمجتهدات العالمات في الحوزات العلمية الشريفة، والمشهود لهن بالنبوغ والتفوق على جميع الاصعدة، كالسيدة نصرت محمد علي المعروفة بالعلوية الأمينية، والعلوية الشهيدة آمنه الصدر المعروفة ببنت الهدى وغيرهنَّ قال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير) المجادلة: 11، وقوله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) الزمر: 9.
ثانياً: التحلي بالأخلاق العالية. وتكميل النفس بالكمالات الروحية والمعنوية، وسد الفراغات التي قد تكون مدخلاً للشيطان والنفس الامارة بالسوء، والجنوح نحو مراتب التقوى، فإنّه مهما كان التفوّق العلمي في حد نفسه مطلوباً، وهو محل الطموح والأمل، إلّا أنّه يبقى المقياس الأهم للتفاضل والتفوق هو ما حدّده القران الكريم. قال تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات :13، فالتقوى هو المقياس الحقيقي للتفاضل والتفوق والكرامة عند الله تعالى لذا جاء الحث الاكيد بالتزود منها. قال تعالى (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) البقرة: 197. والتقوى باب واسع من أبواب العلم الالهي الذي ينفع الإنسان في آخرته ودنياه قال تعالى: (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) البقرة: 282. وبالتقوى يصل الفرد الى مرحلة الخشية من الله التي هي السمة الأبرز للعلماء. قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) فاطر:28.
ومن هنا: كان مستوى الطموح الحقيقي لكل مبلغة رسالية ناجحة أن تضيف إلى تفوقها العلمي، التفوق بمستوى الالتزام الأخلاقي والتكامل في مراتب التقوى بأذنه تعالى.
ثالثاً: قدرتها على الخطابة المباشرة في مجتمع النساء. وانتقائها الكلمات الواعية التي تجذب القلوب وتفتح النفوس، لتقبّل الموعظة والإرشاد، واستشهادها بآيات القرآن الكريم وكلمات المعصومين. فإنْ لم تكن بهذا المستوى، ينبغي لها أن تشارك في الدورات التخصّصية لرفع المستوى الخطابي، والتمكن من الخطابة مع الجمهور والتأثير فيه.
رابعاً: مواكبة الثقافة العصرية والاطلاع على العلوم الحديثة. ولو بتكوين فكرة مبدئية عنها، وعن اصطلاحاتها، لتكون حاضرة لديها حال النقاش او السؤال او التصدي لرد الشبهات ونحوها.
خامساً: القيام بوظيفتها الأساس من تعليم النساء أمور دينهنَّ وهدايتهنَّ الى ما فيه الخير الصلاح. والتصدّي للدفاع عن الدين والمذهب في رد الشبهات وتسليح الناس بسلاح المعرفة والعقيدة الحقة.
سادساً: ممارسة وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. بتركيز يتلاءم مع شخصية المبلغة الدينية، ودورها القيادي في المجتمع النسائي. من خلال بيان مفاسد الكثير من الظواهر السلبية المنحرفة في المجتمع بصورة عامة، والمجتمع النسوي بشكل خاص، وإعطاء الحلول المناسبة للخلاص منها وفتح آفاق لبدائل مناسبة تسد مسدها”.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية