مقالات
أخر الأخبار

كيف تفكر الحكومة بإدارة الدولة

كتب مستشار رئيس الوزراء د. حسين علاوي: تفكير الحكومة في إدارة الدولة يتجلى في حوار مطول ومهم عقده رئيس الوزراء الأستاذ محمد شياع السوداني، مع رؤساء مراكز الأبحاث والدراسات في العراق، من أجل مناقشة الفرص والتحديات أمام الحكومة العراقية، وكيف يتم التفكير بإدارة القضايا العامة والاستراتيجية للدولة العراقية.

 

هنالك تحديات بدأت تتفكك في البلاد وهي جدلية العلاقة بين المعرفة والسياسة، فاستقرار النظام السياسي والجهاز الإداري للحكومة، يجعلها تعمل على الاستجابة لمخرجات البحث العلمي والميداني لمراكز الأبحاث العراقية، وإدماج هذه المخرجات في السياسات العامة للحكومة العراقية كلاً حسب قطاعه.

حوار العيد كان مفتوحاً في التأسيس لمسار جديد في تحقيق هذه الغاية، وهي ربط المعرفة بالسياسة الحكومية، عبر بيان المنجزات الحكومية من جهة ومسار عمل مواجهة التحديات من جهة أخرى، والاستماع إلى المقترحات والحلول في منصة وطنية تجمع الجميع، من أجل زيادة تأثير الأبحاث في تحسين جودة الحياة وقطاعات العمل الحكومية والمملوكة للقطاع الخاص، والمستثمرين في البلاد.

وهنا الجدلية الأكبر هي كيف تفكر الحكومة بإدارة الدولة العراقية، فالحكومة تفكر بأن أس المشكلة للدولة في البلاد هو التنمية المركزية، إذ سلط رئيس الوزراء خلال اللقاء مع مراكز الأبحاث والدراسات على مشاريع البنى التحتية غير الجسور ومشاريع فك الاختناق في قطاعات اقتصادية مختلفة، ولأول مرة أسمع من رئيس وزراء منصف للعاصمة بغداد، بإنهاء ما تعرضت إليه العاصمة الاتحادية بغداد من تحديات كبيرة في البنى التحتية والتي أشار إليها بأنها تحتاج إلى معالجة كونها العاصمة الاتحادية للبلاد، إضافة لمجاورتها لخمسة محافظات ووجود الوزارات الاتحادية والسلطات الثلاث، وهذا ما يجعل العبء عليها ثقيلاً جداً، ولذلك صورة عمل الحكومة هي ليست مشاريع والجسور وفك الاختناق فقط، وإنما صورة المشاريع المنفذة الأخرى هي مشاريع الصرف الصحي والمدارس والمستشفيات والكهرباء والغاز والطرق الخارجية والموانئ، وطريق التنمية والاستثمارات الجديدة في المدن الصناعية والزراعية، ومبادرة الضمانات السيادية لأصحاب المعامل والمصانع المنتجة.

رئيس الوزراء سلط الضوء على عقدة التعامل مع أجندة الحكومة في نقل المعلومة، وبيّن أن أجندة الحكومة للفترة المقبلة هي التنمية ثم التنمية ثم التنمية، وما وجدته في ثنايا اللقاء أن هنالك مساراً جديداً نحو إدارة المياه والسيادة والأمن مع تركيا في زيارة أردوغان للعراق، على سبيل المثال، وبذلك ننهي صفحة من ١٠٠ عام مرت على العراق ونحن نستمع إلى الحديث عن الحصة المائية التي هي هبة الله إلى العراق، ولكن خطة الحكومة تمثلت بحوار رئيس الوزراء مع الرئيس أردوغان في العاصمة بغداد، على اتفاقيات عديدة أهمها هي نقل تكنولوجيا إدارة المياه نحو المحافظات العراقية، لتطوير قطاع المياه وتامين قطاع الزراعة والأمن الغذائي في البلاد بصورة تامة.

وفي القطاع الخاص، أشار رئيس الوزراء إلى لغة جديدة هي تفكيك لغز الصورة الذهنية التي صنعت عن القطاع الخاص، نتيجة النهج الاقتصادي الذي ورثه البلد وأهله تجاه صورة رجل الأعمال العراقي، وعرف رجل الأعمال بأنه الرجل الذي يضع طابوقة في أرض البلاد ويبني ويطور الاقتصاد ويوفر فرص عمل للشباب للعمل في المصانع والمعامل، ولذلك كون مبادرة الضمانات السيادية لدعم القطاع الخاص بدأت بالعمل والتسويق وخصوصاً أنها مبادرة صناعية كبيرة، فقد وصلت إلى الحكومة استجابات كبيرة من الدول الصناعية الأوربية للعمل في العراق، وستنضم إليها دول أخرى لدعم هذه المبادرة، وهذا إنجاز كبير تعمل الحكومة عليه لصناعة بدائل الموازنة الاتحادية المعتمدة على النفط وتنويع العائدات غير النفطية وزيادة الناتج القومي المحلي الإجمالي، لتعزيز قدرات الاقتصاد العراقي خصوصاً وأننا نمتلك موارد أولية عملاقة من حيث الاحتياطيات والجودة لهذه المواد التي تؤهل البلاد نحو خطوط صناعية عملاقة في مجال الكبريت والبتروكيماويات والفوسفات .. الخ.

وفي المشتقات النفطية سيكون عام ٢٠٢٤ – ٢٠٢٥ حافل بالإنجازات الكبيرة في هذا المجال لتطوير جودة المشتقات النفطية، مما سيوفر أموال كبيرة وهامش حركة للحكومة في تعزيز أبواب الإنفاق نحو مسار آخر.

الحكومة تعي أعباء الماضي الذي يحتاج إلى وقفة حقيقية لإنهاء تركة ثقيلة جداً مازالت موجودة من سوء الإدارة المالية والتخطيط التقليدي للموارد البشرية وإدارتها، والعقوبات الدولية وآثارها وتقبل مشاريع التحديث المالي والتكنولوجي والإداري، عبر خطة الإصلاح الوطنية الشاملة والتحول في العمل المصرفي.

إن الحكومة العراقية تسعى إلى بناء مسار جديد للحياة الاقتصادية للمواطن العراقي، من حيث فرص العمل وتوزيع الدخل ورفع الدرجات الدنيا في سلم الرواتب، لتحقيق العدالة في توزيع الدخل وتحسين أنظمة الحماية الاجتماعية وتخفيف الفقر وزيادة نسبة الأمل في الحياة واندماج المرأة العراقية بسوق العمل، وزيادة مهارات الشباب عبر التدريب والتعليم المستمر، وتعزيز مستويات التدريب التقني والمهني.

وأخيراً إن الكهرباء هي واحدة من التحديات لكن هذا التحدي يحتاج إلى توفير مصدر تدوير محطات الكهرباء العملاقة وهو الغاز، وخطة الحكومة في إنتاج الغاز في تزايد لكنها تحتاج إلى وقت للخروج من جدلية استقلال انتاج الطاقة من جهة، وأن نجد الكهرباء متوفرة في كل منزل ومصنع عبر زيادة التشغيل الكفوء والإنفاق على المحطات، من حيث الصيانة والتكنولوجيا.

تطوير الإدارة الحكومية والأتمتة الإلكترونية وتوفير الخدمات العامة هي المسار الأساسي لكسب ثقة المجتمع والنهوض بالدولة العراقية، لمواجهة تحديات امتدّت إلى ٢٠ عاماً.

وبذلك نجد أن ازدهار الحياة العامة واستعادة ثقة المجتمع بالدولة قد تكون صعبة، لكن حكومة السيد محمد شياع السوداني أخذت على عاتقها العمل من أجل المواطن والمجتمع، وتحقيق الأهداف الخمسة الأساسية للحكومة العراقية.

وهذا ما يؤسس ميدان عمل لمراكز الأبحاث العراقية في وجود قضايا عديدة للمجتمع، الدولة وقطاع الأعمال يتطلب صناعة الحلول والاقتراب من الجمهور وقياس الرضا العام الشعبي على أداء الحكومة العراقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى