أخبارمقالات
أخر الأخبار

لبنان والدرس العراقي

كتب سلام مكي: كعادته، يسبق الجميع، يقدم كل ما لديه لأشقائه. العراق، وبعد أن تعرض لبنان الشقيق إلى اعتداء “إسرائيلي” غاشم، راح ضحيته مئات الشهداء والجرحى، وخسائر في البنى التحتية، نتج عنها نزوح قسري لآلاف الأسر خارج ديارها، سارع العراق، حكومةً وشعباً ومرجعيةً ونخباً، إلى تقديم جميع أشكال الدعم اللوجستي.

الحكومة من جانبها، وعلى الصعيد السياسي، قدمت دعماً لا محدوداً، من خلال السيد رئيس مجلس الوزراء، الذي استطاع من توظيف مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إلى التعبير عن موقف العراق الرافض للعدوان على لبنان وغزّة، وكان لقاؤه مع رئيس وزراء لبنان، على هامش أعمال الجمعية العامة، قد أعطى رسالة واضحة لكل دول العالم، بأن العراق سباق إلى مساعدة أشقائه، والوقوف معهم في محنتهم، عبر تقديم الدعم الكامل، من الجوانب كافة.

أما على الصعيد الشعبي، فإن هنالك استنفاراً تاماً، لكل فئات المجتمع، وفي كل المحافظات، حيث هناك مدن خصصت أماكن لجمع تبرعات عينية، من مواد غذائية وعلاجية لشحنها إلى لبنان، وهنالك جهات خيرية ومنظمات، خصصت أماكن وحسابات لجمع تبرعات مالية عاجلة، لتقديمها إلى الشعب اللبناني.

المرجعية الدينية، كعادتها، كانت على قدر عالٍ من المسؤولية في الموقف الداعم والرافض للعنف الذي يمارس على لبنان، وكان بيان سماحة السيد السيستاني، المؤيد للمقاومة اللبنانية، والرافض والمستنكر للعدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان، كان منطلقاً لتحرك عاجل من قبل العتبتين العباسية والحسينية، لمد يد العون إلى الأشقاء في لبنان، وقد تكللت الجهود باستقبال الكثير من الجرحى في مستشفيات العتبة، كما تم فتح أبواب مدن الزائرين كافة، بوجه اللبنانيين النازحين، وحتى العتبة العلوية المقدسة، فتحت أبوابها للبنانيين الذين نزحوا بسبب العدوان.

العراقيون، كعادتهم، كانوا سبّاقين إلى الكرم ومد يد العون إلى الأشقاء، فقد تحولت مؤسسات إغاثية ومجتمعية إلى أماكن لجمع التبرعات العاجلة، وتم تجهيز قوافل مساعدات، وإرسالها إلى لبنان، الكل كان على قدر المسؤولية، من مؤسسات حكومية وأفراد، من أعلى سلطة في الدولة لغاية أبسط مواطن، كلهم شعروا أن لبنان الشقيق، بحاجة إلى مد يد العون والمساعدة، فكانوا أهلاً لها.

اللبنانيون بدورهم، قدموا شكرهم وتقديرهم إلى العراق شعباً وحكومة، فهو يكاد البلد الوحيد لغاية الآن الذي اقتسم خبز شعبه مع شعب لبنان، علماً أن هذه ليست المرة الأولى التي يقف فيها العراق مع لبنان، فشحنات الطاقة التي تمد محطات الكهرباء والوقود، كان يتدفق على لبنان، ليغذي محطات الكهرباء التي كادت أن تتوقف لولا الوقود العراقي.

إن موقف العراق مع لبنان، يعبر عن موقف عراقي راسخ، موقف واحد، رغم كل الأنظمة التي حكمت البلد، وتبدل أسماء الرؤساء والحكومات، لكن النخوة العراقية بقيت على حالها، بقي العراق في صدارة الدول التي تملك موقفاً إنسانياً مع أشقائه، وبقي الشعب العراقي، رغم تنوعه المكوناتي والثقافي، موحد الرأي تجاه قضايا أمته، تبدل كل شيء في العراق، مع تبدل السياسات والأنظمة، لكن الذي بقي هو وحدة الكلمة والموقف، بقي يعيش هموم أشقائه، رغم ما يعيشه من هموم.

فالدرس العراقي، كان حاضراً، كانت مشاهد نقل المؤن والأغذية عبر طائرات القوة الجوية العراقية، تمثل لحظة إنسانية فارقة، فرغم الأزمات والحروب، وما تعرض له الفرد العراقي من ظروف، هو درس لكل شعوب المنطقة، التي لم تعش أي ظرف من الظروف التي عاشها العراقي، لكنها لم تقدم نسبة بسيطة مما يقدمه العراقي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى