محطات الوقود في العراق ستعتمد أنظمة الدفع الإلكتروني مطلع العام المقبل
خلال السنوات القليلة الماضية، بدأ العراق يسعى للتحول إلى الدفع الإلكتروني، رغم تأخره عن أقرانه من بقية الدول بالاتجاه نحو هذه الخطوة، ويرجع ذلك لعدة أسباب وعوامل، من بينها أن الاقتصاد لا يزال يعاني من أزمات صعبة تمنعه من التقدم.
ووفقاً لخبراء، فإن الحكومة العراقية، تهدف من خلال الدفع الإلكتروني إلى سحب الكتلة النقدية المتداولة في البلاد، والتي تبلغ 84 تريليون دينار، والاستفادة منها في تمويل المشاريع الاستثمارية، ومشاريع البنى التحتية.
تعليق التعامل النقدي
انسجاماً مع التوجيهات الحكومية فيما يتعلق بالدفع الإلكتروني، قررت وزارة النفط، اعتماد أنظمة الدفع الإلكتروني في جميع المحطات، اعتباراً من مطلع العام المقبل، حيث ذكرت في بيان، أنه “انسجاماً مع التوجيهات الحكومية، قررت وزارة النفط شركة توزيع المنتجات النفطية اعتماد أنظمة الدفع الإلكتروني، في جميع المحطات، وتعليق التعامل النقدي، اعتباراً من الأول من كانون الثاني 2024”.
كما دعت، المواطنين إلى “التعاون مع شركة توزيع المنتجات النفطية باعتماد آليات ووسائل حديثة في قطاع التوزيع، خدمة للصالح العام، من خلال اقتناء بطاقات الدفع الإلكتروني المعتمدة، ليتسنى للجميع التزود بالوقود وفقاً للآليات الجديدة، والاستفادة من الخدمات المقدمة في قطاع التوزيع”.
الحد من الفساد
الاعتماد على الدفع الإلكتروني في محطات الوقود بداية السنة المقبلة، إجراء متأخر، ويجب فرضه منذ وقت مبكر أسوة بالدول الأخرى، بحسب لجنة النفط والغاز البرلمانية.
وفي تصريح لوكالات محلية، قال عضو اللجنة علي شداد، إن “الاعتماد على الدفع الإلكتروني في محطات الوقود أمر جيد، وهي خطوة تعتبر متأخرة جداً في العراق، ففي كل الدول أصبح التعامل إلكترونياً”.
وعن فائدة هذه الخطوة، أشار شداد، إلى أن “هذه الخطوة تأتي من أجل المواطن، فالمواطن هنا سيدفع المبلغ المطلوب منه دون أي زيادة، ودون أي ضغط عليه لدفع أكثر من الأجور الرسمية”.
وتابع، أن “هذا الخطوة ليس لها علاقة بقضية الفساد، بل على العكس هي ربما تحد من حدة الفساد والرشاوى التي تحصل في بعض محطات الوقود، من خلال إجبار المواطن على دفع (إكرامية) إضافية، لكن في المقابل الجهات الحكومية المختصة عليها تبسيط الإجراءات لحصول أي مواطن على بطاقة الدفع الإلكتروني، خصوصاً لشريحة الكسبة وغير الموظفين”.
ويبلغ استهلاك الوقود يومياً في العراق أكثر من 40 مليون لتر يومياً، بين بنزين عادي ومحسن وكاز، وذلك بحسب وزارة النفط.
نفتقر لثقافة الدفع الإلكتروني
من جهته، قال الخبير الاقتصادي، عمر الحلبوسي، إن “العراق يفتقر بشكل كبير لثقافة الدفع الإلكتروني، وهذا يتحمله البنك المركزي العراقي والمصارف الخاصة وشركات الدفع الإلكتروني، التي لم تقم بأي نشاط حقيقي، لنشر ثقافة الدفع الإلكتروني، للتخلص من النقد بل على النقيض”.
وتابع الحلبوسي، في تصريح لوكالات محلية، “إذ هناك عوامل مُنفّرة حقيقية فرضتها المصارف وشركات الدفع الالكتروني، بدءاً من صعوبة استخراج هذه البطاقات وعدم أمانة المصارف على مستمسكات العملاء، واستخدامها في أغلب الأحيان من دون معرفة العملاء، وهو ما جعل العملاء ينفرون من استخراج هذه البطاقات”.
وأضاف، “كما هناك أسعار مبالغ فيها نظير إصدار البطاقة، وعدم توضيح آلية استخدامها للعميل، مما جعله يبتعد عن البطاقات الإلكترونية، كما أن هناك عمولات تُستقطع عن كل عملية دفع إلكتروني من العميل تُكبده مبلغاً أكبر من الدفع النقدي، رغم توجيه مجلس الوزراء بأن العمولة لا تُستقطع من العميل، بل من صاحب العمل”.
وأشار الحلبوسي، إلى أن “كل هذه العوامل تجعل من تطبيق عملية التحوّل نحو الدفع الإلكتروني غير ناجحة، بل سوف تدخل البلاد في أزمة ما لم تكن هناك مُعالجات لما قبل التطبيق لتجنب أي أزمة، وكذلك التحوّل السلس نحو الدفع الإلكتروني الذي يجهل موظفي المصارف أنفسهم استخدامه، فكيف بالمواطن العادي؟”.
تحقيق الاكتفاء الذاتي
وعلى صعيد آخر، يتجه العراق لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية، بهدف زيادة الإنتاج ووقف الاستيراد من الخارج، ففي وقت سابق، أعلن وزير النفط، حيان عبد الغني، أن العراق سيحقق الاكتفاء الذاتي من مادة الغاز، خلال السنوات الخمس المقبلة.
وقال وزير النفط، في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات “وام”، على هامش فعاليات مؤتمر “أوبك” الدولي الثامن في فيينا، إن “العراق يمتلك احتياطيات نفطية كبيرة تصل إلى 144.5 مليار متر مكعب من النفط، وأكثر من 133 تريليون قدم مكعب قياسي من الغاز”.
وتابع، أن “الطاقة الإنتاجية للنفط في العراق حالياً تصل إلى 5.400 ملايين برميل يومياً، فيما يصل إجمالي الإنتاج الحالي بموجب حصة (أوبك) إلى 4.430 ملايين برميل يومياً، مع تطلع البلاد ضمن خطط واعدة لرفع الطاقة الإنتاجية إلى 6 ملايين برميل يومياً، وذلك من خلال عقود التراخيص المبرمة مع الشركات، خلال المرحلة المقبلة”.
ومؤخراً، أكدت وزارة النفط، أن إعادة تأهيل مصفى بيجي، سيسهم بسد الحاجة الاستهلاكية للمنتجات النفطية.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية، عن وكيل الوزارة لشؤون التصفية حامد يونس، قوله، إن “استرداد المعدات المفقودة من مصفى بيجي، هو إنجاز وجهد كبير قامت به الحكومة”، مبيناً أن “إعادة تلك المواد سيخفض الكلف، وسيختصر الوقت، لتأهيل مصفى الشمال”.
وأشار إلى، أن “إعادة تأهيل مصفى بيجي، سيسهم بغلق باب الاستيراد للمنتجات النفطية، من خلال سد الحاجة الاستهلاكية للبلاد”.
ومن الجدير بالذكر أنه في 17 كانون الثاني/يناير 2023، أقر مجلس الوزراء، توصية مجلس الوزراء للاقتصاد، بتفعيل خدمة الدفع الالكتروني، حيث نص القرار على أنّ “النظام يتمتع بمستوى عالٍ من الحماية والأمان واختصاراً للوقت والجهد، ومساهمته في تنشيط حركة الاقتصاد”.
وألزم القرار الحكومي السابق، البنك المركزي بـ”تسهيل إجراءات منح رخص تحصيل البطاقات المصرفية، وإعفاء جميع التعاملات بالدفع الالكتروني (POS) من الضرائب”.
كما كشف البنك المركزي العراقي، مطلع العام الجاري، أنه سيتم فرض استخدام أدوات الدفع الإلكتروني في القطاعين الحكومي والخاص، ليس بسبب ما تفرضه الرقمنة لتغيير نمط التعاملات التجارية والتقليل من التعاملات النقدية، وإنما لقطع الطريق أمام الفاسدين والسوق السوداء.
وأكد حينها، أنه سيكثف جهوده لزيادة استخدام بطاقات الدفع في الأسواق والمحلات التجارية، خاصة وأن القرار سيلزم المؤسسات الحكومية، وكل وحدات الإنفاق في القطاعين العام والخاص، بإيجاد أجهزة الدفع الإلكترونية في تعاملاتها.