كتب محمد خضير: تشكل الإحصائيات الرسمية المعلنة عن ضحايا المخدرات في العالم هاجساً مرعباً، إزاء هذا الإرهاب الصامت، الذي يهدد الفرد والمجتمع والأسرة، اجتماعياً ومادياً وثقافياً وصحياً وحتى أمنياً.
اليوم العالم بأسره مطالب بمكافحة المخدرات، عبر تكاتف جميع الجهود الأممية والفعاليات السياسية والصحية والمجتمعية والإعلامية، لزيادة الوعي بالمشكلة الرئيسة، التي تمثلها المخدرات غير المشروعة في المجتمع، والتعريف بمخاطرها وإيجاد وتعزيز الحلول المتاحة لمعالجتها جذرياً، وتحقيق الهدف الأسمى بوجود مجتمع خال من هذه الآفة المميتة.
وللأسف الشديد فإن مجتمعنا العراقي المعروف بتقاليده وأعرافه القيمة، ابتلى بهذا الإرهاب، ما يتطلب مناقشة حيثياته وإيجاد السبل الكفيلة لمواجهته.
لكن ما يؤخذ على قانون مكافحة المخدرات في العراق، الذي جرى تحديثه عام 2017، أنه ضم ثغرات تحول العقوبة من سجن مؤبد إلى 5 سنوات للمتاجرين.
إن هذه العقوبة لا توازي الجريمة التي تعد ثاني أخطر جريمة في العالم، على عكس القوانين النافذة في الدول الأخرى والتي تفرض أن يُعامل المتعاطي والمتاجر كمرتكب جناية لا جنحة، ويحاكم عليها بأشد العقوبات.
والجميع يستحضر توصيات اللجنة الحكومية التي تم تكليفها بالتنسيق مع لجنة برلمانية مؤقتة، تتولى إعداد مقترح قانون تعديل قانون المخدرات والمؤثرات، والتنسيق مع مجلس القضاء، بإعادة النظر بتوصيف جرائم المخدرات، وتشديد عقوبة المتاجرة فيها إلى الإعدام.
حينها أوصت اللجنة الحكومية، بإجراء فحص دوري لموظفي الدولة والأجهزة الأمنية وطلبة الجامعات، للتأكد من سلامتهم.
كما أوصت بإعادة تنظيم لجان الفحص والحفظ والإتلاف للمواد المخدرات، وإنشاء جهاز إداري مستقل يرتبط برئيس الوزراء يختص بمكافحة المخدرات، فضلاً عن تخصيص مبالغ مالية في الموازنة، لتوفير أجهزة ومعدات فنية إلى مديرية مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية.
الخطوات تطلبت رفد المديرية بالمختصين في مجال علم النفس المشهود لهم بالسمعة الحسنة، ودعم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، لتمكينها في إنشاء مراكز لتأهيل المدمنين على المخدرات والمؤثرات العقلية.
كما استدعت المهمة إنشاء سجون ومراكز احتجاز عقابية خاصة لمتعاطي المخدرات، وتوفير الدعم اللازم لوزارة الصحة، لإنشاء وحدات علاجية نفسية واجتماعية لمعالجة المتعاطين والمدمنين، إلى جانب توفير معدات الطبية والمختبرية الخاصة بفحص المتعاطين.
الأمر لم يقف عند هذا الحد، حيث تضمنت التوصيات تشديد رقابة وزارة الصحة بالتعاون مع نقابة الصيادلة، في السيطرة على صرف أدوية المؤثرات العقلية في الصيدليات، ومراقبة استخدامها غير الطبي، وتشديد الرقابة على المعابر الحدودية غير الرسمية المنتشرة مع دول الجوار، للحيلولة دون دخول هذه السموم الفتاكة إلى
البلاد.
خاتمة القول: جميع الفعاليات الدينية والسياسية والأمنية والإعلامية، وغيرها يجب أن تعتبر مجابهة آفة المخدرات واجباً شرعياً وأخلاقياً ووطنياً، كون هذا الإرهاب الصامت يعمل على تحطيم البنية الأسرية، ومن ثم الاجتماعية بنحو خطير.