أقام مكتب المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي في محافظة البصرة، صلاة الجمعة، بإمامة الشيخ عمار الربيعي، وبحضور جمع غفير من الفضلاء والمؤمنين.
وجاء في ملخص خطبة الجمعة، التي ألقاها الشيخ عمار الربيعي إمام جمعة البصرة المركزية في مصلى الإمامين العسكريين (عليهما السلام) في الجمعيات وسط البصرة، وتابعتها “النعيم نيوز”:
كان موضوع الخطبة الأولى عن فضل شهر ذي الحجة، وبعنوان شهر ذي الحجة شهر الرجوع إلى الله عز وجل، وقد أعطى عدة أنحاء لهذا الرجوع الوارد في قوله تعالى (ففروا إلى الله) إذ ورد في تفسيره على أنه الرجوع من الشرك والمعاصي إلى الإيمان والتوحيد وملازمة الطاعة، وعن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير ففروا إلى الله قال حجوا إلى الله.
وهناك عدة أنحاء للرجوع إلى الله:
-منها أنه رجوع من الحرام والمعصية إلى الحلال والطاعة.
-ومنها أنه رجوع من الغفلة إلى الذكر فالذاكر فار إلى الله وراجع إليه.
-ومنها أنه الفرار من الدنيا إلى الآخرة بالجهاد في سبيل الله والتضحية، فقد خرج الإمام الحسين (عليه السلام) مجاهداً في سبيل الله في شهر ذي الحجة في يوم التروية.
-ومن أنحاء الرجوع إلى الله في هذا الشهر الكريم هو الرجوع من عبادة غير الله إلى عبادته وعلى المستوى العقائدي والأخلاقي وحاكمية شريعة الإسلام. ومن الشرك الأخلاقي الذي قد يشوب العمل كالرياء والعجب إلى الإخلاص في النية لله سبحانه وتعالى فالنيات هي التي تحدد مسار العمل و قبول الأعمال بالنيات.
-ومن أنحاء الرجوع إلى الله عز وجل هو الرجوع من شحة العبادة والتعبد والدعاء في شهري شوال وذي القعدة إلى الأعمال العبادية المستحبة في شهر ذي الحجة. كأعمال الحج وأعمال العشرة الأوائل ويوم عرفة وعيد الأضحى ويوم الغدير.
-وكذلك من أنحاء الرجوع إلى الله هو الرجوع من اختطاف الماديات للإنسان إلى عالم المعنويات كما هو الحال في رحلة الحج إلى بيت الله. فإن فيها ترجيحاً واضحاً للأمور المعنوية العبادية على الأموال والأولاد والأملاك وزينة الحياة الدنيا والجاه والمنصب. فينفق الإنسان صحته وماله ويتحمل التكاليف المادية ويترك العيال ويتنازل عن جاهه ومنصبه ومظهره ليكتفى بثوبي الإحرام. كل هذا مقابل زيارة واد غير ذي زرع وحجارة غير مزينة ولا مزخرفة لكنها رحلة تمنح الشعور المعنوي وترتقي بروح الإنسان إلى الله عز وجل، وتغفر الذنوب التي تثقل حركة الإنسان وتخلده إلى الأرض ليحلق بروحه وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر”.
وأشار الخطيب، في نهاية الخطبة إلى “أهمية الأيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة فهي أيام مخصوصة قد ورد فيها الآيات والروايات التي التي تتحدث عن فضل هذه الأيام والليالي العشرة:
-منها قوله تعالى (والفجر وليال عشر ) فهي الليالي العشر التي أقسم بها الله عز وجل لعظمتها.
-وهي الأيام التي قال عنها النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من أيام العشر يعني عشر ذي الحجة قيل يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال : ولا الجهاد في سبيل الله الا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع).
-وكذلك هي الأيام الأخيرة من مواعدة الله سبحانه و تعالى لموسى عليه السلام الواردة، في قوله تعالى (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة واتممناها بعشر فتم ميقات ربه اربعين ليلة وقال موسى لاخيه هارون اخلفني في قومي واصلح ولا تتبع سبيل المفسدين).
-وهي الأيام التي وصفها الإمام الصادق (عليه السلام) في دعائه (اللهم هذه الأيام التي فضلتها على الأيام شرفتها وقد بلغتنيها بمنك ورحمتك فأنزل علينا من بركاتك وأوسع علينا فيها من نعماءك)”.
وأما الخطبة الثانية، فتناول خطيب الجمعة فيها، “ذكرى وفاة الإمام محمد الجواد (عليه السلام) تاسع أئمة أهل البيت (عليهم السلام)”، لافتاً إلى “دور الإمام في تعميق البناء الفكري لأبناء الأمة وضرورة التحصين العقائدي في ضوء الحديث الوارد عن الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام: “مَنْ تَكَفَّلَ بِأَيْتَامِ آلِ مُحَمَّدٍ الْمُنْقَطِعِينَ عَنْ إِمَامِهِمْ، الْمُتَحَيِّرِينَ فِي جَهْلِهِمْ، الْأُسَارَى فِي أَيْدِي شَيَاطِينِهِمْ وَ فِي أَيْدِي النَّوَاصِبِ مِنْ أَعْدَائِنَا، فَاسْتَنْقَذَهُمْ مِنْهُمْ وَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ حَيْرَتِهِمْ، وَ قَهَرَ الشَّيَاطِينَ بِرَدِّ وَسَاوِسِهِمْ، وَ قَهَرَ النَّاصِبِينَ بِحُجَجِ رَبِّهِمْ وَ دَلَائِلِ أَئِمَّتِهِمْ، لِيَحْفَظُوا عَهْدَ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ بِأَفْضَلِ الْمَوَانِعِ، بِأَكْثَرَ مِنْ فَضْلِ السَّمَاءِ عَلَى الْأَرْضِ وَ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِيِّ وَ الْحُجُبِ عَلَى السَّمَاءِ، وَ فَضْلُهُمْ عَلَى الْعِبَادِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى أَخْفَى كَوْكَبٍ فِي السَّمَاءِ” وبالنظر الى هذه الرواية نجد تكليفين.
الأول: يتعلق في الواجب الاجتماعي تأدية العلم وبثه وتعليم الناس ولا سيما الشباب العلوم الإسلامية عقيدة وفقهاً ورداً لشبهات العصر التي يبثها الشياطين والمنحرفين. وهو تكليف اجتماعي تضامني يقع تحت مسؤولية الجميع و يطال الأيتام المعنويين وهذه الكفالة المعنوية تتطلب أموراً منها:
أولاً: التعليم والتوجيه الفكري والرعاية النفسية والاخلاقية والتربوية للشباب التي تمكنهم من بناء شخصيتهم وتقوي إيمانهم. فلا تهزمهم التشكيكات والشبهات والابتلاءات ولا يكونوا عرضة للانهيار و الانهزام و الذي قد يدفع بعضهم إلى الانتحار أو الإدمان.
ثانياً: استثمار الطاقات الشابة وتوظيفها وتوجيه الشباب نحو المجالات التي يمكن أن يبدعوا فيها كالابتكار العلمي والرياضي والتقني. فلكل شخص مجال يبدع فيه فلا بد من إعانته في هذا المجال، يضاف إلى ذلك ضرورة التشجيع والتكريم لهم ليشعروا بأهمية العلم والعمل الذي يحملونه ويقومون به، ولقد وجدنا من إبداعات الشباب ما يبعث الأمل و يعطي الوجه المشرق في مجتمعنا الذي يحاول الإعلام بث اليأس فيه بنشر السلبيات. فوجدنا مثلاً مدرسة الموهوبين والطلبة الذين فازوا في مسابقات عالمية ووجدنا بحوث التخرج في الجامعات والمعاهد التي ترتقي إلى مستوى الاختراع ووجدنا رياضيين حققوا إنجازات في بطولات عالمية، ووجدنا شبابا مبدعين في العمل الديني والمؤسساتي والخيري والثقافي.
التكليف الثاني موجه الشباب أنفسهم: فأنتم أيها الشباب من يتحمل مسؤولية نفسه وأنتم شرعاً مكلفون وهذا يعني قدرتكم على العلم و العمل وتحمل مسؤولية أنفسكم ومسؤولية المجتمع. فلا انظروا إلى أنفسكم على أنكم لا تأثير لكم ولا مسؤولية فبالشباب انتصرت رسالة الإسلام. وهذا مصعب بن عمير الشاب الذي أرسله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة المنورة قبل الهجرة ليبلغ الناس الإسلام ويدعوهم إليه.
والعظماء الآن لم يولدوا هكذا وإنما كانوا شباباً مثلكم كالطبيب الماهر وأستاذ الجامعة والمبدع في مجال عمله وعلمه. هؤلاء كلهم كانوا شباباً يحملون الأمل والطموح بالتوكل على الله وقوة الإرادة وكانوا يمرون بظروف صعبة درسوا فيها تحت ظلال النخيل وضوء الفوانيس. وأكثرهم كانوا لا يملكون أجرة الباص من أجل الذهاب إلى الجامعة فكانوا يضطرون إلى العمل أيام التعطيل بأعمال تترفع الشباب عنها في هذه الأيام”.
وختم الشيخ الربيعي، خطبته، بالقول: “خطابنا إلى الشباب والطلبة لا يمنعكم تقصير الدولة وعدم اهتمامها بكم أو تقصير الأهل لا يمنعكم من تحقيق التفوق لتحقيق طموحاتكم. فالمستقبل لكم وبأيديكم ونحن معكم إن شاء الله تعالى ما استطعنا. ومستقبل الإنسان يحدد في شبابه فلا تفرطوا في أوقاتكم بغير بناء المستقبل العلمي والفكري والتربوي لأنفسكم ورد في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام ( لست أحب أن أرى الشاب منكم إلا غادياً في حالين إما عالماً أو متعلماً …)”.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
لمتابعتنا على فيسبوك يرجى الضغط على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
لا تنسى الاشتراك بقناتنا على الانستاغرام: النعيم نيوز