أقيمت صلاة الجمعة، بإمامة حيدر العرداوي في جامع الجوادين (عليهما السلام) في حي الإسكان مركز المحافظة.
وقال مراسل “النعيم نيوز”، أن “العرداوي تطرق في الخطبة الأولى من أهم أدوار الإمام السجاد (عليه السلام) تأسيس المدرسة العلميّة يعتبر الإمام السجاد عليه السلام. المؤسّس الثاني لمدرسة أهل البيت، بعد المؤسّس الأوّل صلى الله عليه واله وسلم والمشيّد على ذلك الصرح الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام”.
وأضاف “كان منزل الإمام السجّاد عليه السلام مدرسة، ومسجد الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم مركزاً لمدرسته. ومعهداً لتعليم طلّابه، ونقطة انطلاق لتدريب تلامذته. لبثّ العلوم الدينيّة إلى العالم، وإلى الأجيال الصاعدة، فكان يلقي محاضراته وبحوثه على العلماء والفقهاء. وكانت تلك البحوث تتناول العلوم الإسلاميّة المهمّة والحسّاسة، منها علم التفسير، وعلم الفقه، والحديث. والفلسفة، وعلم الكلام، وقواعد السلوك، والأخلاق”.
وتابع “كما كان يلقي في كلّ جمعة خطاباً عامّاً جامعاً على الناس، يعظهم فيه، ويزهّدهم في الدنيا، ويرغّبهم في الآخرة. وكان الناس يحفظون كلامه ويكتبونه، وقد التفّ العلماء والفقهاء والقرّاء حول الإمام عليه السلام. لا يفارقونه حتّى في سفره إلى حجّ بيت الله الحرام، يستمعون إلى حديثه، ويسجّلون فتاواه، ويدوّنون ما يمليه عليهم من علوم ومعارف وحكم وآداب”.
وأردف “وقد تخرّج في مدرسته مجموعة كبيرة من فطاحل العلماء والفقهاء، الذين اشتهروا بالرواية عنه عليه السلام. منهم على سبيل المثال: أبان بن تغلب، والمنهال بن عمرو الأسديّ، ومحمّد بن مسلم بن شهاب الزهريّ، وسعيد بن المسيّب، وأبو حمزة الثماليّ، وسعيد بن جبير، ويروى أنّ سفيان بن عيينة، ونافع بن جبير، وطاووس بن كيسان، ومحمّد بن إسحاق، قد أخذوا عن الإمام السجّاد عليه السلام بعض الأحاديث، وغيرهم…وقد أحصى الشيخ الطوسيّ في رجاله، وغيره من أصحاب التراجم، أكثر من مائة وستّين من التابعين والموالي، كانوا ينهلون من معينه، ويروون عنه في مختلف المواضيع وخلّف عليه السلام تراثاً عظيماً أهمّه”.
وأضاف العرداوي “رسالة الحقوق وهي تحتوي على توجيهات وتعليمات وقواعد في السلوك العامّ والخاصّ، من أدقّ ما يعرفه الفكر الإنسانيّ. وقد جاء في آخرها، قول الإمام عليه السلام: “فهذه خمسون حقّاً محيطاً بك، لا تخرج منها في حال من الأحوال، يجب عليك رعايتها والعمل في تأديتها، والاستعانة بالله جلّ ثناؤه على ذلك، ولا حول ولا قوة إلّا بالله، والحمد لله ربّ العالمين”. إنّ رسالة الحقوق التي نظمها الإمام زين العابدين عليه السلام، تدلّ على اهتمام الإمام بكلّ ما يدور حوله في المجتمع الإسلاميّ، وعنايته الفائقة بسلامته النفسيّة والصحيّة، ورعايته لأمنه واستقراره، وحفاظه على تكوينته الإسلاميّة. وإذا نظرنا إلى ظروف الإمام عليه السلام من جهة، وإلى ما يقتضيه تأليف هذه الحقوق، من سعة الأفق وشموليّته من جهة أخرى، وقفنا على عظمة هذا العمل الجبّار، الذي صنعه الإمام قبل أربعة عشر قرناً”.
ولفت إلى إنّ “صنع مثل هذا القانون في جامعيّته، ودقّته وواقعيّته، لا يصدر إلّا من شخص جامع للعلم والعمل، مهتمٍّ بشؤون الأمّة. ومتصدٍّ لإصلاحها فكريّاً وثقافيّاً، واقتصاديّاً، واجتماعيّاً، وإداريّاً، وصحيّاً، ونفسيّاً، ولا يصدر- قطعاً- من شخص منعزل عن العالم، وعن الحياة الاجتماعيّة، ولا مبتعدٍ عن السياسة وأمور الحكم والدولة! ولذلك فإنّا نجد الرسالة تحتوي على حقوق مثل: حقّ السلطان. وحقّ الرعيّة، وحقّ أهل الملّة عامّة، وحقّ أهل الذمّة، وغيرها ممّا يرتبط بأمور الدولة والحكم وتنظيم الحياة الاجتماعيّة، إلى جانب الشؤون الخاصّة العقيديّة والعباديّة والماليّة، وكلّ ما يرتبط بحياة حرّة كريمة للفرد وللمجتمع الذي يعيش معه، ومثل هذا لا يصدر ممّن يعتزل الحياة الاجتماعيّة. ورسالة الحقوق عمل علميّ عظيم، يستدعي دراسة موضوعيّة عميقة شاملة، نقف من خلالها على أبعاد دلالتها على حركة الإمام زين العابدين عليه السلام الاجتماعيّة، وخاصّة من المنظار السياسيّ، وما استهدفه من بيانها ونشرها”.
وتابع العرداوي الدعاء “لقد كان الإمام عليّ بن الحسين، يحرص على أن يضع الناس، على اختلاف طبقاتهم ومنازلهم، تجاه مسؤوليّاتهم، وما يجب عليهم لله وللناس، ولكن بأسلوب يختلف عن أساليب الوعّاظ والمرشدين والقصّاصين، لقد استعمل أسلوب الحوار مع الله، ومناجاته، واستعطافه وتمجيده. فقد كان يوجّه الأمّة من خلال أدعيته، التي كان يضمّنها مختلف المعارف الإسلاميّة: عقائديّاً وهو الأهمّ وسياسيّاً وأخلاقيّاً، وغير ذلك.. ولم يكن بإمكان أحد أن يعترض عليه، ويقول له: لا تدع ربّك.. فإنّ ذلك سوف يكون مستهجناً ومرفوضاً من كلّ أحد..حيث يرونه- بحسب الظاهر- لا يتعرّض لدنيا هؤلاء الحكّام، وإنّما شغل نفسه بعبادة ربّه، وتصفية وتزكية نفسه. ولقد فاتهم: أنّه كان في الظاهر يدعو الله، ولكنّه كان في واقع الأمر يدعو إلى الله، ويوجّه نحوه، ويعرّف الناس سبيله، ويضمّن كلامه الكثير من التعاليم الإلهيّة، والمعارف الدينيّة التي تهمّهم في أمر دينهم ودنياهم.. كما اتضح جليّاً فيما بعد. وأنّه كان يقود عمليّة التغيير الشامل في بنية العقيدة للأمّة الإسلاميّة بأسرها”.
وأشار بالقول “وكنموذج على البعد السياسيّ في أدعية الإمام عليه السلام، نستعرض بعض الفقرات من دعائه عليه السلام يوم الأضحى، ويوم الجمعة:” أللَّهم إنّ هذا المقام لخلفائك وأصفيائك، ومواضع أمنائك في الدرجة الرفيعة، التي اختصصتهم بها قد ابتزّوها… حتّى عاد صفوتك وخلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزّين، يرون حكمك مبدّلاً، وكتابك منبوذاً، وفرائضك محرّفة عن جهات أشراعك، وسنن نبيّك متروكة، أللَّهم العن أعداءهم من الأوّلين والآخرين، ومن رضي بفعالهم وأشياعهم وأتباعهم”.
وتحدث سماحته عن العبادة قائلا: أن “الإمام زين العابدين عليه السلام هذا الوجود المقدّس، كان سيّد الروحانيّة بمعناها الصحيح، أي إنّ من فلسفة وجود رجل مثل عليّ بن الحسين، أنّ الإنسان عندما ينظر إلى آل النبيّ صلى الله عليه واله وسلم كلّهم، ومنهم عليّ بن الحسين، يرى روحانيّة الإسلام أي حقيقة الإسلام، وهذا أمر مهمّ في حدّ ذاته. وقد ورد العديد من الروايات التي تذكر حالاته مع الله وعبادته له، ويكفي أنّ من أشهر ألقابه التي عرف بها: “زين العابدين”. فعن أبي عبد الله عليه السلام، قال: “كان أبي عليه السلام يقول: كان عليّ بن الحسين عليه السلام إذا قام في الصلاة، كأنّه ساق شجرة، لا يتحرّك منه شيءٌ إلّا ما حرّكه الريح منه”. وعنه عليه السلام قال: “كان عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما إذا قام في الصلاة تغيّر لونه، فإذا سجد لم يرفع رأسه حتّى يرفضّ عرقاً”. وعن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام، قال: “…كان إذا قام في صلاته غشى لونَه لونٌ آخر، وكان قيامه في صلاته قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، كانت أعضاؤه ترتعد من خشية الله عزَّ وجلَّ، وكان يصلّي صلاة مودّع، يرى أنّه لا يصلّي بعدها أبداً، ولقد صلّى ذات يوم، فسقط الرداء عن إحدى منكبيه، فلم يسوّه حتّى فرغ من صلاته، فسأله بعض أصحابه عن ذلك، فقال: ويحك أتدري بين يدي من كنت؟ إنّ العبد لا يقبل من صلاته إلّا ما أقبل عليه منها بقلبه، فقال الرجل: هلكنا، فقال: كلا، إنّ الله عزّ وجلّ متمّم ذلك بالنوافل”.
وروي أيضاً عن أبي عبد الله عليه السلام قال: “كان عليّ بن الحسين إذا كان شهر رمضان لم يتكلّم إلّا بالدعاء والتسبيح والاستغفار والتكبير ..
وتطرق إلى تكفّله للفقراء والمحتاجين فقال: “لقد كان الإمام عليه السلام يرعى الفقراء والمحتاجين، ويكثر من التصدّق عليهم، في السرّ والعلن، وفي الليل والنهار، متكفّلاً للكثير من البيوتات التي لم تكن تجد قوتها وطعامه، وفي الغالب من حيث لا يدري أحد منهم، حتّى إذا رحل الإمام إلى ربّه، فقدوا تلك الصدقات، فعلموا أنّ الإمام عليه السلام هو الذي كان يقوم بها.
فعن الإمام الباقر عليه السلام: “وكان عليه السلام ليخرج في الليلة الظلماء، فيحمل الجراب على ظهره، وفيه الصرر من الدنانير والدراهم، وربّما حمل على ظهره الطعام أو الحطب حتّى يأتي باباً باباً فيقرعه، ثمّ يناول من يخرج إليه وكان يغطّي وجهه إذا ناول فقيراً لئلّا يعرفه، فلمّا توفي عليه السلام فقدوا ذلك، فعلموا أنّه كان عليّ بن الحسين. ولمّا وضع عليه السلام على المغتسل نظروا إلى ظهره، وعليه مثل ركب الإبل ممّا كان يحمل على ظهره إلى منازل الفقراء والمساكين”.
وأردف سماحته “فتحريره للعبيد من الظواهر اللاَّفتة حقّاً في حياة الإمام زين العابدين عليه السلام، هي علاقته بهذه الطبقة الضعيفة من أبناء المجتمع آنذاك، وهم العبيد والإماء، فقد كان يهتمّ بشرائهم وتربيتهم ثمّ عتقهم. قال بعض الباحثين:…فهو يشتري العبيد لا لحاجة إليهم، ولكن ليعتقهم، وقالوا: إنّه أعتق مئة ألف”. ولقد كان من نتيجة هذه التعاطي الخاصّ منه عليه السلام، أن صار الموالي يعتبرون أهل البيت هم المثل الأعلى للإنسان وللإسلام، وكانوا مستعدّين للوقوف إلى جانبهم في مختلف الظروف”.
وأكمل “في الوقت الذي يمثّل إدانة لمنطق الأمويّين، القائم على أساس تفضيل العربيّ على غيره، وإعطائه كلّ الامتيازات، وحرمان غيره منها بكلّ صورة، واعتباره أذلّ وأحقر من الحيوان، حتّى كان يقال: لا يقطع الصلاة إلّا كلب أو حمار أو مولى، ومنعوهم من الإرث، ومن العطاء، ومن القضاء، ومن الولاية وإمامة الجماعة، ومن الوقوف في الصفّ الأوّل منه، وأباحوا استرقاقهم، ولا يسترقّ غيرهم”.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز