![](https://www.khalikwianh.com/wp-content/uploads/2025/02/حسين-فياض-e1704262502388.jpg)
كتب أ.د عامر حسن فياض: الإصلاح مسار وليس قراراً وهو عملية بناء تبدأ بإيقاف التدهور قبل التفكير بالتطور، ودون ذلك فإن الإصلاح سيدخل في دائرة الوهم، كما أن الإصلاح لا يتحقق بإزاحة مستعجلة لما هو كائن ولا برغبة منفعلة أو نزوة عابرة، بقدر ما يتحقق بمنهج معقلن وبإرادة صبورة لبناة لديهم رسالة ورؤية لبرنامج إصلاح، يحدد خارطة طريق سليمة لبناء العراق والانتقال به من كيان أو كيانات إلى دولة حرة مقتدرة تحمي البلاد، وتخدم العباد على وفق تأسيسات ومؤسسات لشعب سيد ووطن مستقل.
بعد أن تخلص العراق من ماضٍ سيئ هو حكم الفرد، وأخذ يتطلع إلى مستقبل صعب التحقيق (دولة حرة وشعب سيد) تمدد في الطريق ما بين الماضي السيئ والمستقبل الصعب، حاضرٌ يعاني من أزمات عنقودية عناوينها محزنة، وعلاماتها فاقعة، وتلك الأزمات تمثلت بالعجز الخدمي والعوز التشريعي والعقم الإنتاجي والعوق المؤسساتي والعبث بالمال العام والأمن العام، والعمى بالأولويات والعزوف عن العلم والمعرفة، ناهيك عن تهديدات الأجنبي ومخاطر تدخلاته في الشأن العراقي..
كل هذه الأزمات تشكل معوقات في طريق الإصلاح، ولعل الخطوة الأولى في تعبيد طريق سالك نحو الإصلاح، تتمثل بخطوة مؤسساتية تعبر عن الإرادة الشعبية، وليس أمامنا غير البدء بإصلاح أداء مجلس النواب، بوصفه المؤسسة التي ينبغي أن تُعبر بحق عن الإرادة الشعبية.
والحق أن مفتاح مغاليق الإصلاح، أن مجلس النواب ينبغي أن يكون أداؤه صالحاً ليتمكن من قيادة الإصلاح وتقويم الاعوجاج في ذاته كمؤسسة نيابية، وخارج ذاته داخل منظومة تشكيلات ومؤسسات الحكم في العراق.
إن هذه المؤسسة النيابية يراد منها أن تكون مصنعاً للبناة أي لرجال الدولة، الذين ينبغي أن يتحلوا بجملة خصال ويتسلحوا بمجموعة مواصفات من بين أهمها ثقافة الاستقالة، بدلاً من الاستطالة عند الفشل أو عندما يراد لهم الفشل.. وبثقافة التكميل الإيجابي بدلاً من التصفير السلبي لمن سبقهم في العطاء.. وثقافة التفاعل لا الانفعال مع المختلف وغير المختلف معهم.. وثقافة التسويات لا التصفيات.. وثقافة كسب الأصدقاء والحلفاء وتحييد الخصوم ومن يريد أن يخاصمهم.. وثقافة التمكين من استخدام نهج الأجندة وعدم العبث بالأولويات والاستحقاقات الوطنية وعدها خطاً أحمر لا يمكن المساس بها أو الخلاف عليها أو الاختلاف بها… وتلك الثقافات التي ينبغي أن يتمتع بها النائب، كي يكون قادراً على العمل من أجل إصلاح أداء مجلس النواب لوظائفه السياسية والتشريعية والرقابية..
إن جميع ما تقدم من متطلبات نرغب في أن نلتمسها، وهي بمثابة المرشد والمنجد والدليل لكل من يريد أن يكون واحداً من البناة لدولة عراقية مقتدرة، ونائباً مساهماً مساهمة فعالة في الانتقال بالعراق من كيان أو كيانات مهدده بالقسمة والبعثرة، إلى دولة اتحادية حقيقية غير قابلة للقسمة والبعثرة..