كتب د.عبد الواحد مشعل: اعتماد التنمية المستدامة نهج شامل ومتكامل لمستقبل سلام مستدام في المجتمع العراقي، أبرز ما يمكن تأشيره هنا قدرة الإنسان العراقي على تجاوز إشكالياتها المختلفة، إذا توفرت له مستلزمات العمل، في سبيل غايات وأهداف التنمية المستدامة، باستحضار الوسائل اللازمة، لتحقيق هذا الهدف الأساسي على وفق المواصفات العالمية، الذي أقرَّته الأمم المتحدة من أهداف لبرامج التنمية المستدامة في العالم، حتى عام 2030.
ويمكن بيان ذلك من خلال الحديث عن الغايات والوسائل اللازمة، لتحقيق هذا الهدف الأساسي لبناء نهج شامل لمستقبل التنمية في العراق، وينبغي التوقف عند معوقات بناء سلام والعمل على وضع الأطر العلمية القادرة عن كشف جوهر المشكلات، التي يعاني منها الإنسان العراقي كمؤشر أساسي، تساعد في بناء فرص متواتية لبناء سلام مستدام في العراق، باعتماد منهجية موضوعية للتنمية المستدامة في المجالات المختلفة، والأخذ بالاعتبار مبادئ التنمية المستدامة، للأمم المتحدة حتى عام 2030، لاختبار القدرات المؤسسات العراقية الرسمية والمجتمعية، للتفاعل مع وضع أصول نهج شامل لمستقبل التنمية المستدامة على وفق المعطيات الثقافية والاقتصادية والمعرفية للبيئية العراقية لتحقيق سلام مستدام.
والانتقال إلى الدولة المدنية الحديثة القائمة على القانون والمعرفة والارتقاء بالإنسان وعياً ومعرفةً، والتحول البنيوي المطلوب حتى تأخذ الاستجابة المجتمعية طريقها ببناء مجتمع قوي ومعاف، قادراً على توظيف قدراته الطبيعية والاقتصادية والثقافية، بعد سلسلة من الأزمات والاختناقات الاقتصادية والصراعات المحلية، لتمكينه من تحويل الصراع إلى سلام مستدام، وهو لا يتحقق إلا ببناء الإنسان المنتج المؤمن بالسلام والتعايش السلمي على وفق ركائز عدة، أبرزها الحوكمة ونماذج التعليم والسياسات وتنمية رأس المال البشري والمناهج والبرامج والبيئة التعليمية والتدريبية، والمشاركة الأسرية والمجتمعية وبناء بيئية نظيفة وغيرها.
لا شك أن التنمية المستدامة بصفتها منهجاً متكاملاً، تشمل التعليم والصناعة والزراعة والبيئة والمساواة بين الجنسين، وغيرها من النشاطات التي يحتاجها المجتمع العراقي، بعد أزمات وحروب ومديونية خارجية ضخمة يعنيها اليوم، في جعل ذلك يحتاج إلى دراسات واسعة لكل المستويات، وإيجاد السبل والإجراءات والآليات، لتحقيق نهضة تنموية يحتاجها الإنسان العراقي اليوم.
إن منهج التنمية المستدامة في تحقيق سلم مجتمعي قائم على أساس إشباع الحاجات الإنسان الأساسية، يجعله أكثر ارتباطاً بالأرض والوطن ويعتز بهويته الوطنية والثقافية، فلا يمكن بناء سلام حقيقي دون أن يكون الإنسان، قد حقق اكتفاءً متكاملاً في العمل والغذاء والسكن والمساواة.
إن العلاقة بين التنمية المستدامة والمعرفة هي علاقة جدلية، لايمكن تحقيق تنمية ناجحة دون وجود معرفة علمية وتطبيقية، يمكن أن تكون مدخلها مفاهيم تعبر عن الواقع في المجال العلمي، وهو ما يحتاج إلى منهجية علمية لتحقيق التنمية بمستوياتها المختلفة، من أجل تحقيق أهدافها الكلية لمجتمع يحتاج إليها أكثر من أي وقت مضى.
وطالما كانت التنمية تقوم على أساس خطة متكاملة، إذن هي تعمل ضمن منهجية تعمل على تحقيق معدلات كبيرة في التغير الثقافي والاجتماعي، الذي يخلق بدوره وعياً مجتمعياً بمرمى التنمية وغايتها الإنسانية، تحت ظروف صعبة يمر بها المجتمع، فضلاً عن تزايد عدد السكان بشكل كبير، حتى تجاوز عدد السكان على وفق التقديرات الإحصائية الأربعين مليوناً، ومن المتوقع أن يزداد حتى يصل إلى الخمسين مليوناً، ما يجعل ذلك يحتاج إلى بناء سلم مستدام، وهذا لا يأتي إلا بإجراء التنمية بطريقة منهجية.