كتب عماد علي الهلالي: أسهم العرب والمسلمون بمثقفيهم وأكاديمييهم في تحسين صورة أوروبا وتجاهلوا كل قرون الاحتلال والتوهين والاضطهاد الذي عانوه من المستعمرين الأوربيين والحكومات العميلة التي بقيت بعد انكماش قبضتهم على الدول المستعمرة.. ونظروا إلى أوروبا من منظار العلم الحديث ومسرحيات شكسبير وتشكيليات دافنشي ومايكل آنجلو وفلسفة هيجل ونظريات مونتيسكو..
وهذا الإنصاف والموضوعية لم يستطعها الأوروبيون مع تراث المسلمين العرب إلى هذا اليوم، رغم ما يعرفونه من اعتماد النهضة الأوربية على التراث العربي في طب الشفاء لابن سينا، الذي استمر ككتاب منهجي رئيسي في الطب، وبصريات ابن الهيثم التي استمر حضورها إلى القرن العشرين، وجبر الخوارزمي ومثلثات ابن يونس المصري والفلسفة الإسلامية.
فتجد مثلاً تجاهل كوبرنيكوس ذكر ابن الشاطر في كتابه عن النموذج الشمسي، حتى وجدت كتب ابن الشاطر في مكتبته حديثاً وقورن بين رسومات كوبرنيكوس ورسوم ابن الشاطر في كتبه الأخرى، وتجد تجربة سقوط الأجسام مختلفة الوزن من شاهق هي نفسها التجربة الافتراضية التي حصل الجدل حولها بين الجبائي وابن متويه في القرن الثاني الهجري (السابع الميلادي)، وكذلك فكرة سقوط التفاحة وجاذبية الأرض وفكرة القصور الذاتي للأجسام.
إن أوروبا لم تتحضر إلى اليوم، لأن المتكبر لا يعترف بغير نفسه وينظر إلى الآخرين باحتقار، وأما النهضة المدنية التي شهدتها أوروبا في القرن العشرين وثقافة حقوق الإنسان وكرامة المواطن، فهي إنجازات محلية لا يعترفون بها لسواهم من الشعوب ولا لمواطنيهم من شعوب أخرى، فالسياسة الخارجية للدول الأوروبية تختلف كثيراً عن السياسة المحلية، وفكرتهم عن الشعوب الأخرى لا زالت أسيرة نظرية دارون للتطور، فيرون أنهم الشعب الأرقى وأن الشعوب الأخرى سلالات متخلفة من الجنس البشري، دون أن يقدموا دليلاً على الزمان الذي تميزت به السلالة الأوربية على (الأجناس الأخرى)، هل كان ذلك في زمان الرومان الهمجيىين، أم القبائل البربرية أم الساكسونية.
فما ترونه منهم من عدم احترامهم للديانات الأخرى ليس وليد اليوم، وليس نتيجة احترام حريات مواطنيهم، بل هو حقد صليبي واستعماري يتخوف من نهضة المسلمين مجدداً، وإلا فكيف سمحوا لمواطن لا زال حديث المواطنة عندهم بأن يمارس هذه الفعالية الخطيرة في مكان عام، مع أن من مواطنيهم مسلمين من سكان البلاد الأصليين يقدسون القرآن ويغضبون لأجله، وهو الكتاب الذي استنهض أمة كاملة من الجهالة وجعلها رائدة العلم وحافظة لعلوم الشعوب القديمة ومطورة لها، ومنهج أمة علّمت البشرية النظافة واحترام الآخر والتعايش السلمي بين الأديان على مرأى من الأوروبيين في الأندلس وما جاورها من ممالك المسلمين.
وكانت أوروبا ولما تزل بلاداً فقيرة من حيث الثروات والمساحة مهما حاولوا تزييف حجمها في الخرائط، وتعيش على ثروات الشعوب الأخرى التي يخافون أن تستقل عنهم وترجعهم إلى حجمهم الاقتصادي والسياسي والعالمي الحقيقي.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز