يعد التدخين مشكلة عالمية عامة تعاني منها جميع دول العالم دون استثناء، حيث يقضي هذا الوباء الكبير وبحسب بعض التقارير على اكثر من خمسة ملايين إنسان سنوياً، هذا بالإضافة الى اثارة السلبية وأضراره الاخرى على باقي مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، ويؤدي التدخين إلى الإصابة بالعديد من الأمراض والأزمات الصحية كالسكتة القلبية والجلطة الدماغية وأمراض الجهاز التنفسي والسرطان (سرطان الرئة بشكل خاص) بالإضافة إلى مشاكل صحية أخرى قد تطال غير المدخنين ايضا من خلال ما يعرف بالتدخين اللاإرادي هو عبارة عن استنشاق دخان التبغ من المدخنين. وهو ما قد يؤثر كثيرا بالأطفال ويعرضهم بشكل اكبر للإصابة بالأمراض الخطيرة. والجدير بالذكر هنا أن أطفال المدخنين هم اكثر عرضة بـ 3 مرات عن أطفال غير المدخنين لإدمان التدخين في المستقبل.
وبالرغم من تراجع الإقبال على التدخين في بعض دول العالم بسبب اعتماد بعض الإجراءات والقوانين الخاصة في سبيل الحد من انتشار هذه الظاهرة الخطيرة، إلا أن العدد الإجمالي للمدخنين وبسحب بعض التقارير في ارتفاع دائم.
ويقول الباحثون إن ذلك الارتفاع في أعداد المدخنين يرجع إلى الزيادة السكانية بشكل عام، حيث ارتفع عدد سكان العالم خلال الخمسين عاما الأخيرة إلى أكثر من الضعف ليصل إلى نحو سبع مليارات نسمة، وبالتالي فإن المزيد من الناس يكتسبون عادة التدخين، وتشير الأرقام إلى أنه خلال عام 2012 استهلك المدخنون حول العالم نحو 6.25 تريليون سيجارة، مقارنة ب 4.96 تريليون سيجارة عام 1980.
مبيعات التبغ
وفي هذا الشأن فقد ذكرت أرقام مبيعات صناعة التبغ أن توزيع التبغ على تجار التجزئة في استراليا ارتفع بصورة طفيفة العام الماضي لأول مرة في خمس سنوات على الأقل حتى بعد التغليف الذي يسمح باستبدال العلامة التجارية بصور مرضى جراء التدخين وتحذيرات صحية تهدف إلى ردع المدخنين. وتخضع استراليا – التي أصبحت في ديسمبر كانون الأول 2012 أول دولة تحظر علب السجائر ذات العلامات التجارية – للمراقبة عن كثب وإذا ما كانت تحرز علامات نجاح حيث تبحث دول مثل ايرلندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة اجراءات مماثلة.
وطبقا لبيانات الصناعة التي قدمتها فيليب موريس انترناشيونال التي تصنع مارلبورو فإن شركات التبغ في عام 2013 -الذي كان أول عام بالكامل للتغليف الذي يسمح باستبدال العلامة التجارية بصورة مرضى جراء التدخين وتحذيرات صحية- باعت ما يعادل 21.074 مليار سيجارة في استراليا. وتمثل هذه الأرقام زيادة نسبتها 0.3 بالمئة عن 2012 وهذا عكس التراجعات التي شهدتها في السنوات الأربع الماضية.
ومن غير الواضح السبب الدقيق لهذا الارتفاع. وتجادل بعض شركات التبغ بأن الشحنات الأعلى من التبغ السائب وتراجع السجائر تشير إلى أن المدخنين قد يشترون منتجات أرخص ومن ثم تحمل شراء المزيد منها. وقال أوين دارديس مدير شؤون الشركات لدى فيليب موريس في بريطانيا “عندما تتاجر بمنتج فإن الناس يتتبعون السعر.”
“إذا كان الناس يشترون أدوات أرخص ربما قد يدخنون الكثير منها لا أعرف … إنها نقطة اهتمام حاسمة وهذا شيء ما يحتاج قطعا إلى بحث لأن هذا عكس ما تسعى هذه السياسة لانجازه.” وينص القانون الاسترالي على تعليب موحد لجميع منتجات التبغ ويجبر الشركات على استبدال شعاراتها وعلاماتها التجارية بصور لمرضى جراء التدخين وتحذيرات صحية على الخلفية. بحسب رويترز.
وأوضحت أرقام الصناعة أنه بالنسبة للعام بأسره فإن المبيعات الاسترالية من السجائر المصنوعة في المصنع تراجعت بنسبة 0.1 بالمئة إلى 18.75 مليار سيجارة. وارتفع حجم التبغ السائب بنسبة 3.4 بالمئة إلى ما يساوي 2.32 مليار سيجارة.
تدخين الشيشة
الى جانب ذلك قد تربح الولايات المتحدة الأمريكية في حربها ضد السجائر، وذلك وبعد مرور عقود طويلة من بث الوعي حول مخاطر التدخين. ولكن، يبدو أن الشباب الأمريكي ما زال يدخن النرجيلة أو الشيشة، بغض النظر عن كل حملات الوعي حول مضار التبغ. ووجدت دراسة نشرت في دورية طب الأطفال أن 18 في المائة من الطلاب في المدارس الثانوية سبق وأن قاموا بتجربة الشيشة.
واستخدم الباحثون بيانات مسح جمعت بين العامين 2010 و 2012 وشملت 5540 طالب في المدارس الثانوية في جميع أنحاء البلاد. ووجدت الدراسة أن المراهقين الذين يتمتعون بمستوى اجتماعي واقتصادي أعلى من غيرهم، وأولئك الأشخاص الذين لديهم دخل أسبوعي أو تلقى ذويهم تعليماً جيداً، هم أكثر عرضة لتدخين الشيشة.
وعرفت النرجيلة في الإمبراطورية الفارسية في القرن السادس عشر. ورغم أن المدخنين استخدموا التبغ تقليدياً بلا إضافة المنكهات، إلا أن خلط التبغ بنكهات عدة مثل التفاح الأخضر وجوز الهند وحتى العلكة يعتبر موضة. وقال كبير مستشاري مبادرة التحرر من التبغ في منظمة الصحة العالمية الدكتور فيناياك براساد إن النكهات الجذابة تخفي الطبيعة القاسية للتبغ وتجذب المدخنين الشباب..
وأوضح مركز السيطرة على الأمراض أن الانخفاض في استخدام السجائر، يتم تعويضه بأشكال أخرى من التبغ، بما في ذلك الشيشة والسجائر الإلكترونية. وبين العامين 2011 و 2012، ارتفع استخدام الشيشة بين 4.1 و 5.4 في المائة بين طلاب المدارس الثانوية، وفقا لمركز السيطرة على الأمراض. وأظهرت الدراسات أن 40 في المائة من طلاب الجامعات الأمريكية جربوا الشيشة. وتعتبر الشيشة وسيلة رائعة للاختلاط، إذ أن العديد من الأصدقاء يمكن أن يشتركوا في تدخين النرجيلة لساعات عدة.
وأشار مركز السيطرة على الأمراض إلى أن مدخني الشيشة قد يتعرضون لتركيز أعلى من المواد السامة، مقارنة بمدخني السجائر، بسبب استنشاق التبغ بعمق أكثر، والتدخين لفترات أطول من الوقت. وتستمر جلسة نموذجية لتدخين الشيشة ساعة على الأقل. وأوضحت دراسة نشرت في دورية أمراض السرطان والوقاية منها في حزيران/يونيو الماضي أن مدخني الشيشة يتعرضون لكميات كبيرة من مادة النيكوتين يسبب الإدمان والسموم المسببة للسرطان بعد جلسة واحدة فقط من التدخين.
وقالت المشرفة على الدراسة والباحثة في مركز أبحاث السيطرة على التبغ والتعليم في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو جدعون سانت هيلين، إن هذه الدراسة تعتبر الأولى من نوعها فيما يرتبط بقياس مستويات السموم لدى الأشخاص المدخنين في مقاهي تدخين الشيشة، وليس في بيئة اصطناعية مثل المختبرات. بحسب CNN.
وقاس الباحثون مستويات المواد السامة في عينات البول التابعة لمدخني الشيشة قبل وبعد تدخين النرجيلة، إذ وجد هؤلاء أن هناك زيادة بمعدل 73 مرة في مستويات النيكوتين وزيادة كبيرة في المركبات المسببة للسرطان في البول مباشرة بعد التدخين. وتجدر الإشارة، إلى أن مقاهي الشيشة تزدهر في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ بلغ عددها 300 في العام 2007. أما في يومنا الحالي، فيوجد حوالي 400 مقهى لتدخين الشيشة في مدينة لوس أنجلوس، و500 في مدينة نيويورك، و17 في ولاية كنتاكي الأمريكية.
السجائر الإلكترونية
في السياق ذاته خلصت دراسة جديدة في الولايات المتحدة الى ان السيجارة الالكترونية ليست على ما يبدو فعالة في المساعدة على الاقلاع عن التدخين، مشيرة الى ان مستخدمي هذا الاختراع لا يتخلون عن التدخين اكثر من باقي المدخنين. واشار معدو الدراسة التي نشرت نتائجها في مجلة “جورنال اوف ذي اميركان ميديكال اسوسييشن بيدياتريكس” الى ان هذه النتيجة تعزز خلاصات ابحاث سابقة اظهرت ان هذه السيجارة التي ليس لها اي اطار قانوني اميركي، لا تقدم اي مساعدة خاصة على وقف التدخين خلافا لما يروج له مصنعوها.
واوضح هؤلاء انهم درسوا بيانات 949 مدخنا في كاليفورنيا، 13,5% منهم قالوا انهم اقلعوا عن التدخين خلال السنة. ولفت معدو الدراسة في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو الى ان مستخدمي السجائر الالكترونية التي تنتج بخارا معطرا مع مادة النيكوتين او من دونها، “لم يكونوا اكثر عددا في التوقف عن التدخين، حتى انهم كانوا اقل عددا” بالمقارنة مع مدخني السجائر العادية.
وذكر الباحثون ان استخدام 88 مشاركا في الدراسة فقط السجائر الالكترونية، بينهم 9 (10,2%) توقفوا عن التدخين، يجعل من الصعب تمييز وجود اتجاه محدد ناتج عن اللجوء الى هذا الاختراع. وقال الباحثون “لكن بياناتنا تأتي مع ذلك لتدعم الدراسات الاخرى التي تشير الى ان السيجارة الالكترونية لا تزيد عدد المدخنين الذين يقلعون عن التدخين”. واعتبر هؤلاء ان “على التشريعات منع الاعلانات التي تؤكد او تلمح الى ان السجائر الالكترونية فعالة في المساعدة على الاقلاع عن التدخين طالما ان هذا الامر لم يثبت علميا”.
من جهة اخرى كشفت دراسة أميركية أن المراهقين الأميركيين الذين يدخنون السجائر الإلكترونية هم أكثر ميولا إلى استهلاك التبغ. وقد تضاعف استخدام السجائر الإلكترونية في خلال سنة، بحسب هذه الدراسة المنشورة في مجلة “جاما بيدياتريكس” التي كشفت أن 6,5% من المراهقين دخنوا السجائر الإلكترونية سنة 2012، في مقابل 3% سنة 2011. ويزداد خطر استهلاك التبغ عند مدخني السجائر الإلكترونية، بالمقارنة مع هؤلاء الذين لم يجربوها، وفق هذه الدراسة التي أجراها معهد الأبحاث الخاصة بالتبغ التابع لجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو وشملت 40 ألف طالب وتلميذ بين العامين 2011 و2012. بحسب فرانس برس.
لكن هذه الأبحاث لم تبت في مسألة خطر إدمان التدخين الذي قد ينجم عن استعمال السجائر الإلكترونية، في ظل الجدل المحموم الذي يثيره انتشار السجائر الإلكترونية التي لم تحدد بعد آثارها الفعلية. ويشهد قطاع السجائر الإلكترونية نموا في الولايات المتحدة، مع رقم أعمال قدر بين 1 و 1,7 دولار سنة 2013.
التدخين والأطفال
على صعيد متصل أظهرت دراسة أن التدخين السلبي يلحق أضرارا دائمة بشرايين الأطفال ويؤدي إلى إضافة أكثر من ثلاث سنوات مبكرا إلى عمر الأوعية الدموية. وتزيد هذه الأضرار، والتي تتمثل في تضخم سمك جدران الأوعية الدموية، من احتمال الإصابة بالسكتات القلبية والدماغية في مراحل متقدمة من حياتهم، وفقا للدراسة التي نشرت في “دورية القلب الأوروبية”.
وأثبتت الدراسة، التي أجريت على أكثر من ألفي شخص، تتراوح أعمارهم بين ثلاث سنوات و18 سنة، أن الأضرار التي لحقت بهم كانت نتيجة لتدخين كلا الأبوين. ويقول خبراء إنه لا يوجد مستوى “آمن” للتعرض للتدخين السلبي. ويكشف هذا البحث، الذي أُجري في فنلندا وأستراليا، على ما يبدو الآثار الصحية على أجسام الأطفال الذين يكبرون في منزل يدخن فيه الأبوان. لكن من المستحيل أيضا استبعاد عوامل أخرى تماما يمكن أن يكون لها دور في ذلك.
وأظهرت أشعة بالموجات فوق الصوتية كيف أن الأطفال الذين يدخن والداهم تحدث لهم تغييرات في الجدار الخاص بشريان رئيسي يمر من أعلى الرقبة إلى الرأس. ورغم أن الاختلافات في مستوى تصلب الأوعية الدموية للشريان السباتي كانت بسيطة، فإنها أصبحت مؤثرة بعد نحو عشرين عاما حينما وصل الأطفال إلى سن البلوغ، بحسب الباحثين. وقالت الدكتورة سينا غال المشرفة على الدراسة من جامعة تسمانيا إن “دراستنا تظهر أن تعرض الأطفال للتدخين السلبي يسبب أضرارا مباشرة ببنية الشرايين لا يمكن تداركها”.
ودرس البحث أيضا عوامل أخرى يمكن أن تفسر السبب في هذه العلاقة بين التدخين وأضرار الشرايين من بينها إذا كان الأطفال لجأوا للتدخين أنفسهم، لكن النتائج ظلت دون تغيير. وتوصلت الدراسة إلى أنه في الحالات التي كان فيها أحد الأبوين فقط مدخنا، لم تكن الأضرار واضحة. ويرجع هذا ربما إلى أن التعرض للتدخين لم يكن بمستويات عالية مماثلة في حالة وجود أبوين. لكن بغض النظر عن ذلك، يقول الخبراء إنه يجب حماية جميع الأطفال من التدخين السلبي.
وقالت دويرين مادوك، كبيرة ممرضي القلب في مؤسسة القلب البريطانية، إن “الآثار الصحية الضارة للتدخين السلبي معروفة جيدا”. لكن هذه الدراسة، بحسب مادوك، أخذت خطوة أخرى للأمام، وتظهر أن التدخين السلبي قد يسبب أضرارا لشرايين الأطفال يصعب تداركها “تزيد من احتمال الإصابة بمشاكل في القلب في مرحلة لاحقة من حياتهم”. وأضافت مادوك “إذا كنت مدخنا، فإن الطريقة الوحيدة الأكثر فاعلية للتقليل من تعرض طفلك للتدخين السلبي هو أن تقلع عن التدخين”. وتابعت “إذا لم يكن ذلك ممكنا، فإن عدم التدخين في المنزل، وتمثل السيارة البديل الأفضل (لذلك) للمساعدة في حماية طفلك من الآثار الضارة للتدخين السلبي”. بحسب بي بي سي.
وقال سيمون كلارك، مدير مجموعة “فورست” للدفاع عن المدخنين،” “يجب تجنب إثارة الذعر لأن الأضرار التي تتعرض لها الشرايين يمكن أن ترجع لعدد من العوامل من بينها سوء التغذية وأشكال أخرى من تلوث الهواء. وأضاف “حينما يكون من المعقول وكمراعاة للآخرين التدخين حول الأطفال في مساحة صغيرة مغلقة، فإنه من السهل جدا إلقاء اللائمة على المدخنين حينما تكون القضية معقدة للغاية”.
أبناء المدخنين والسمنة
من جانب اخر توصل باحثون بريطانيون إلى أن أبناء الرجال الذين يبدأون التدخين وهم أطفال لا تتعدى أعمارهم 11 عاما يواجهون خطر السمنة في المستقبل مما يعزز أدلة تشير الى أن أنماط المعيشة حتى في المراحل العمرية المبكرة قد تؤثر على الصحة مستقبلا. وقال الباحثون إن نتائجهم التي جاءت ضمن دراسة أكبر حول صحة الأطفال ربما تظهر أن التدخين قبل سن البلوغ عند الرجال قد يؤدي إلى تغيرات متعلقة بما يعرف بعملية الأيض أو التحول الغذائي في الجيل القادم.
وقال ماركوس بمبري استاذ علم الوراثة بكلية لندن الجامعية الذي قاد الدراسة وقدم نتائجها في مؤتمر يوم الاربعاء “هذا الاكتشاف للتأثيرات عبر الاجيال يحمل مضامين للبحث في الزيادة الحالية للاصابة بالسمنة وتقييم الاجراءات الوقائية.” وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن معدلات التدخين في بريطانيا ومناطق أخرى من أوروبا آخذة في التراجع لكن قرابة مليار شخص في العالم يدخنون منهم حوالي 35 بالمئة في بلدان متقدمة و50 بالمئة في بلدان نامية.
وكانت دراسات سابقة أجريت على الحيوانات والبشر وجدت تأثيرات صحية عبر الاجيال للتدخين لكن الدليل على ذلك كان ضعيفا حتى الان. وقال بمبري إن نتائج دراسات سويدية سابقة ربطت بين التغذية لدى الرجال في مرحلة الطفولة ومعدلات وفيات مستقبلية بين احفادهم جعلت الباحثين يتحمسون لاجراء الدراسة الجديدة. وحلل الباحثون في دراستهم -التي نشرت نتائجها في الدورية الاوروبية لعلم الوراثة البشرية- بيانات تتعلق بأنماط المعيشة والوراثة ومسائل صحية أخرى لقرابة عشرة آلاف أب. بحسب رويترز.
وأظهرت الدراسة ان 54 بالمئة من هؤلاء الاباء كانوا مدخنين في مرحلة ما من حياتهم بينما قال 3 بالمئة منهم انهم بدأوا التدخين بانتظام قبل سن الحادية عشرة. وبالبحث في الجيل القادم وجد الباحثون أن أبناء من بدأوا التدخين قبل سن الحادية عشرة لديهم زيادة في الوزن مقارنة بأبناء من دخنوا في مرحلة غير مبكرة أو من لم يدخنوا قط.
لماذا يدخن الفقراء
الى جانب ذلك تلتقط كريستال أر. صورا لحيها كجزء من مشروع الشهود على الجوع. ومن بين الصور الصادمة، أكوام القمامة، والأراضي المهجورة، والأسوار والأسلاك الشائكة. أما الإعلانات الكبيرة للأسعار الخاصة للسجائر فتظهر أمامها كأنما تحييها في طريقها لشراء الطعام. ووجدت دراسة حديثة تتضمن البيانات الاتحادية للقياسات الصحية للسكان أن التدخين ينخفض بمعدل سريع في المجتمعات الأكثر ثراء. أما معدل التدخين فيبقى كما هو، بين الفقراء والطبقة العاملة، ما يؤدي إلى زيادة إدمان الناس في المجتمعات الفقيرة. وقد يبدو من السهل أن نلقي اللوم على الناس الفقراء، باتخاذ قرارات خاطئة. لكن الأمر الأكثر تعقيدا من ذلك، يتمثل بأن شركات التبغ تستهدف هذه المجتمعات لتشجيع هذه العادة، خصوصاً أن ضغوط العيش في الفقر والشعور باليأس قد يدفع بعض الأشخاص إلى التدخين.
أما مشروع الشهود على الجوع، فيعمل مع خبراء حقيقيين، ومن بينهم الأمهات ومقدمي الرعاية للأطفال الصغار الذين أصبحوا جياعا، ويعيشون في الفقر. وكما الأطباء نحن نعلم كيفية تحديد أعراض المرض، مثل السعال، الذي يخفي مرضاً أكثر خطورة مثل الالتهاب الرئوي. وبينما نحن لا نواجه هذا النوع من السعال بالأدوية المخففة فقط، إنما أيضاً نعالج العدوى الكامنة بالمضادات الحيوية.
وفي هذه الحالة، فإن الفقر قد يكون بمثابة أعراض المرض، نظرا لمدى التوتر المزمن للفقر والذي يسبب السلوكيات غير الصحية. وهذه عوامل يجب معالجتها قبل العمل على خفض ظاهرة التدخين بشكل كبير في المجتمعات. وتجدر الإشارة، إلى أن شركات التبغ تستهدف الأحياء ذات الدخل المنخفض من خلال المزيد من إعلانات السجائر، وعدد أكبر من اللوحات الإعلانية، واللافتات الكبيرة. وتستهدف شركات التبغ بشكل خاص الشباب في الأحياء الفقيرة، فضلاً عن بيع السجائر بشكل أرخص في المجتمعات الفقيرة.
كذلك، تشكل المصاعب الاقتصادية مثل الجوع، والسكن غير المستقر مشاكل مرهقة بالنسبة على الأطفال. وترتبط الظروف القاسية في الطفولة بالسلوكيات غير الصحية لدى الأطفال في وقت لاحق، وخصوصاً التدخين. ووجدت دراسة تابعة لجامعة “ديوك” أن “المخاوف بشأن دفع الفواتير أو الحاجة إلى بيع الممتلكات بسبب الحاجة إلى المال، فيؤدي إلى تقهقر ضبط النفس لدى الطفل، ما يتسبب بدوره في زيادة ظاهرة التدخين.
أما النساء فيقلعن عن التدخين بمعدل أقل من الرجال. ولكن النساء اللواتي يتعرضن لسوء معاملة سواء جسديا أو نفسيا على أيدي شركائهن في كثير من الأحيان فيدخن أكثر للتعامل مع حياتهم الصعبة. ويعتبر لافتاً للنظر الارتباط بين التعرض للعنف والتدخين ويمكن رؤيته لدى النساء ذات الدخل المنخفض والفئات الاجتماعية والاقتصادية الأعلى.
أما الأمهات العازبات في الأحياء الفقيرة فهن أكثر عرضة لتجربة “الخطر المزدوج”، بسبب عبء مسؤولية رعاية الأطفال إلى جانب العزلة الاجتماعية والتوتر المزمن المرتبط بالفقر. أما التدخين فيمكن أن يكون استراتيجية موثوق بها لتخفيف تلك الأعباء. وقد عملت برامج الصحة العامة بشكل واضح مثل الضرائب المفروضة على التبغ والأماكن العامة الخالية من الدخان والسكن في الحد من معدلات التدخين، ولكن يبدو أن المجتمعات الأكثر فقرا يجري التغاضي عنها. بحسب CNN.
ويعتبر التدخين السبب الأساسي للوفيات التي يمكن تجنبها في الولايات المتحدة، إذ أنه يسبب سرطان الرئة وأمراض القلب والتهاب الشعب الهوائية وانتفاخ الرئة وأزمات صحية مكلفة تضاف على مشاكل الفقراء. ولمنع التدخين والحفاظ على الشباب من التدخين، فالأمر يستغرق أكثر من توجيه رسائل الصحة العامة. ويتطلب تغيير السياسات الاقتصادية لتحسين ظروف عيشنا. ويحتاج الناس إلى وظائف ذات أجر مرتفع ومجتمعات آمنة للحد من التوتر الذي كثيرا ما يكمن وراء انتشار ظاهرة التدخين.
دعاوى قضائية
على صعيد متصل قالت الهيئة العامة للتأمين الصحي في كوريا الجنوبية إنها تسعى للحصول على تعويض مبدئي قيمته 53.7 مليار وون (51.9 مليون دولار) من ثلاث شركات للتبغ من بينها الوحدات المحلية لشركة فيليب موريس والشركة البريطانية الأمريكية للتبغ نظير تكاليف علاج أمراض مرتبطة بالتدخين. وقالت الهيئة إنها رفعت دعاوى قضائية ضد هاتين الشركتين العالميتين لصناعة السجائر بالإضافة إلى شركة كيه تي أند جي المحلية أمام محكمة بكوريا الجنوبية.
ولم ينظر في كوريا الجنوبية على الإطلاق سوى أربعة دعاوى قضائية تتعلق بالتبغ وكلها أقامها أفراد أو عائلات ولم يكلل أي تحرك قضائي ضد شركة سجائر بالنجاح. وقالت آن سن-يونج محامية الهيئة العامة للتأمين الصحي “نعتقد أن الهيئة مع إضلاعها بمسؤولية صحة الناس والإشراف على ميزانية التأمين عليها واجب طبيعي بإقامة هذه الدعوى فيما يتعلق بالتبغ.” بحسب رويترز.
وقالت الهيئة إن قيمة الأضرار حسبت على أساس بيانات المبالغ التي دفعتها شركات التأمين الحكومية لمرضى ثلاثة أنواع من السرطان المرتبطة بالتدخين. وقالت شركة التأمين من قبل إنها تنفق أكثر من 1.6 مليار دولار سنويات على علاج أمراض مرتبطة بالتدخين. وقال مكتب المنطقة الغربية للمحيط الهادي بمنظمة الصحة العالمية إن هذه أول دعوى قضائية تقيمها مؤسسة حكومية ضد شركات السجائر من بين 37 دولة ومنطقة في غرب المحيط الهادي.