كتب محمد عبيد حمادي: يشهد العراق اليوم مرحلة جديدة من تاريخ إعادة الإعمار، يقودها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، تأتي هذه الحملة ضمن سعي العراق للنهوض من أزمات طويلة عصفت بالبلاد، سواء كانت سياسية، أمنية، أو اقتصادية.
تعد حملة الإعمار الحالية، خطوة حاسمة في طريق استقرار العراق، وتحقيق نمو اقتصادي، وتحسين مستوى الخدمات العامة. لكنها، في الوقت ذاته، تواجه تحديات هائلة بسبب تعقيدات الوضع السياسي الداخلي، وآثار الأزمات الاقتصادية العالمية والمحلية.
إن إعلان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، عن حملة إعمار واسعة تهدف إلى تحسين البنية التحتية، وتطوير القطاعات الخدمية، وتحفيز الاقتصاد الوطني، تعتبر هذه الحملة جزءاً من استراتيجيات حكومية طويلة الأجل، لتقوية اقتصاد العراق وجعله قادراً على مواجهة الأزمات.
وتشمل حملة الإعمار مشاريع في مجالات متعددة، مثل تحسين شبكة الطرق، وبناء وحدات سكنية جديدة، وتطوير قطاع الطاقة، وتحديث المرافق الصحية والتعليمية، وتأتي هذه الحملة في إطار رغبة السيد السوداني، في تحقيق التنمية المستدامة وتقليص الفجوة التنموية بين المناطق المختلفة في العراق، حيث يتم تخصيص ميزانيات ضخمة لمشاريع إعادة الإعمار في المحافظات التي شهدت دماراً كبيراً، خاصة تلك التي تعرضت للصراعات وأعمال العنف خلال العقود الماضية.
إذ واجه العراق، تحديات سياسية عديدة أعاقت تقدمه في تحقيق أهداف حملة الإعمار، من أبرزها الانقسامات السياسية والتوترات الطائفية التي تؤثر في عمل الحكومة وقدرتها على تنفيذ المشاريع، كذلك، هناك تحديات متعلقة خارجية، فالعراق، بحكم موقعه الاستراتيجي وموارده الطبيعية الوفيرة، يمثل ساحة تنافس بين قوى إقليمية مختلفة، ويزيد من صعوبة ذلك اعتماد العراق الكبير على الاستيراد الخارجي في العديد من القطاعات، مما يعرضه للضغوطات والتأثيرات السياسية من الدول المصدرة.
بالإضافة إلى التحديات السياسية، تواجه العراق صعوبات اقتصادية كبيرة، فرغم أن العراق يمتلك واحداً من أكبر احتياطيات النفط في العالم، إلا أن اقتصاده يعتمد بشكل شبه كامل على العائدات النفطية، مما يجعله عرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية، كما أدى التباطؤ الاقتصادي العالمي وتراجع أسعار النفط إلى تقليل الإيرادات الحكومية، مما أثر في تمويل مشاريع إعادة الإعمار.
يعاني العراق أيضاً من تحديات الفساد الإداري والمالي، الذي يعدُّ أحد أكبر العوائق أمام تحقيق التنمية المستدامة، حيث يؤثر الفساد في فعالية تنفيذ المشاريع ويؤدي إلى تبديد الأموال المخصصة للإعمار، كما أدركت حكومة السوداني أهمية مواجهة هذه التحديات، وقد وضعت عدة استراتيجيات لمواجهتها، منها:
1 – إصلاح النظام السياسي: تعمل الحكومة على تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد، عبر إطلاق حزمة إصلاحات إدارية، تشمل تفعيل الرقابة والمحاسبة على الجهات التنفيذية، كما تسعى الحكومة إلى خلق توافق سياسي داخلي، يشجع على الاستقرار ويحدُّ من الانقسامات.
2 – تنويع الاقتصاد: تسعى حكومة السوداني إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للعائدات، من خلال تشجيع قطاعات اقتصادية أخرى مثل الزراعة، والصناعة، والسياحة، ويتم العمل على تحسين بيئة الأعمال لجذب الاستثمارات الأجنبية، خصوصاً في مجالات الطاقة النظيفة، والتكنولوجيا، والزراعة المستدامة.
3 – تطوير البنية التحتية: تركز حملة الإعمار على بناء بنية تحتية متينة تتماشى مع معايير الاستدامة، إذ يتم حالياً تطوير الطرق، وتوسعة شبكات الكهرباء، وتحسين وسائل النقل العام، كما تعمل الحكومة على بناء وحدات سكنية لمواجهة أزمة السكن، وتحسين حياة المواطنين.
4 – التعاون الدولي: تسعى حكومة السوداني إلى تعزيز العلاقات مع الدول الأخرى، للحصول على دعم مالي وتقني لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، وقد شهد العراق توقيع العديد من الاتفاقيات مع دول مختلفة لدعم المشاريع التنموية، سواء عبر الاستثمارات أو تقديم الخبرات الفنية والتقنية.
ورغم التحديات الكبيرة، تبدو حملة الإعمار في العراق خطوة ضرورية لإحداث تغيير إيجابي في حياة العراقيين، إن نجاح هذه الحملة سيُسهم في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، ويعزز مكانة العراق كدولة ذات اقتصاد قوي ومتنوع.
لكن لتحقيق هذه الطموحات، على العراق أن يواجه التحديات المستقبلية التي قد تطرأ، ومنها التغيرات المناخية التي تؤثر في القطاع الزراعي، ونقص الموارد المائية، والتحديات الأمنية المتمثلة في عودة بعض الخلايا الإرهابية للنشاط.
ختاماً، تظل حملة الإعمار التي يقودها محمد شياع السوداني، رمزاً للأمل، ومحاولة لإعادة بناء العراق بعد سنوات طويلة من الصراعات والأزمات، ورغم التحديات الكثيرة، يبقى تحقيق النجاح في هذه الحملة ممكناً إذا تضافرت الجهود الحكومية والشعبية، لتحقيق مستقبل أفضل للشعب العراقي.