كتب حسب الله يحيى… تبدو النداءات التي يوجهها الكيان الصهيوني إلى الغزاويين و اللبنانيين، كما لو أنها كانت نداءات “إنسانية” شفافة وطيبة.
إنهم يدعون سكان غزة ولبنان إلى ترك منازلهم.. سلامة لأرواحهم. وكأنهم بهذه النداءات يشفقون على البشر ويخشون موتهم تحت أسلحتهم العمياء، التي لا تفرق بين السلاح الوطني الذي يوجهه الثوار وبين الناس العزل.
الصهاينة يريدون عن طريق هذه النداءات مخاطبة الاعلام العالمي وإشعاره إلى أن (إسرائيل) لا تقتل المدنيين بدم بارد، وأنها من (الرقة) و(الإنسانية ) بحيث تطلب من هؤلاء الناس النجاة بأنفسهم، وذلك بالتخلي عن بيوتهم ومتلكاتهم وتركها لنيران العدو الصهيوني.
في وقت يدرك فيه كل إنسان أن ما يقوم به الصهاينة يخرج عن كل معايير الحروب والقيم والأعراف الإنسانية، بدليل أن الصهاينة يقصفون المدن الآمنة والتي يشغلها سكان آمنون لم يحملوا السلاح.. وانما هم عدد كبير من النساء والأطفال وكبار السن الذين لاقدرة لهم على حمل السلاح ومواجهة الصهاينة، الذين يقاتلون عجز هؤلاء الناس العزل بالسلاح والنار، بحيث تتحول كل الأماكن إلى مقابر جماعية تحت انظار العالم كله.
الآن العالم.. يبصر ما يجري جيدا، فقد أدينت (إسرائيل) ونتنياهو ومساعديه وتمت ادانتهم من قبل محاكم العدالة الدولية، وهم الان مطلوبون لمحاكمات دولية بعد القاء القبض عليهم.
وهذا يعني أن المجتمع الدولي، بات يعرف جيدا الأساليب الصهيونية الكاذبة والمخادعة، التي تعمد اليها الصهيونية وتحولها إلى نداءات “إنسانية” تجنبا للغارات الاجرامية على شعبي غزة ولبنان.
وفي حقيقة الأمر إن البشر بطبيعتهم محبون للسلام والأمان، وهذان الامران هما اللذان يجعلانهم يصبون نحو الحياة المستقرة التي تجعلهم يعيشون في أماكنهم واوطانهم واعمالهم.. فيما هم يموتون بشكل أو بآخر عندما يغادرون الأرض التي ينتمون اليها، بوصفها الخبز والماء والهواء الذي يتنفسونه حتى يبقوا أحياء.
إن الصهاينة يعرفون جيدا مدى تعلق الانسان العربي بأرضه.. وإن هؤلاء العرب لم يواجهوا الصهاينة إلا لأنها سلبتهم ارضهم ووجودهم معا.
من هنا.. نجد أن (إسرائيل ) تدرك جيدا أن الانسان العربي ـ وكل إنسان ينتمي إلى وطنه ـ من الصعب عليه مغادرة ما بناه على مدى سنوات عديدة من عمره ومن أعمار أجداده.. لمجرد سلامته.
إنها ليست سلامة حقيقية؛ وإنما هي موت بطيء يلاحق الانسان إلى ما تبقى من وجوده.
إن الانسان الذي تنفس رائحة الوطن؛ يصبح جزءا من هذا الوطن وهذه الأرض وليس بوسعه أن يكون خارجها أبدا. وحتى عند الضرورة تضمحل وتنفصل حالة الموت على أن تغادر الوطن/ القلب الذي يتنفسه والجذر الذي تعلق به.
لذلك.. تعمد الصهيونية إلى نداءات كاذبة ومخادعة إلى الناس في غزة ولبنان للمغادرة.. فيما يعرف هؤلاء الناس الآمنون هي نداءات لا تملك صحتها ولا انسانيتها. إن الصهاينة يعلمون جيدا أن هؤلاء الناس لن يغادروا أوطانهم ولن يتركوا أرضهم بسهولة للصهاينة، لعلمهم أن الصهيونية غادرة ومجرمة وتوسعية وتعمل على تصفيتهم واستغلال ارضهم وتشتيت شملهم والعمل على الحاق أكبر الأضرار بهم. الصهيونية تمارس حرب الإبادة ولا تعنيها من تلك النداءات، سوى أساليبها الإجرامية التي لا تمت بصلة لأي منطق انساني ولا لأي عرف أخلاقي. إنها نداءات الاجرام وممارسات القتلة.