أخبارمقالات
أخر الأخبار

أدب و شعر المقاومة

كتب الدکتور حسن بشیر….أدب المقاومة و الخطاب العالمي للمقاومة في المنطقة و في کل العالم، کان و ما زال له دور کبیر و مؤثر فی تصعید و تطویر الوعی العالمي و تعزیر روح النضال و الجهاد ضد الظلم و الاضطهاد و خاصة الامریکی و الاسرائیلي في المنطقة و علی الصعید العالمي.

الأدب في الحقیقة هو الروح السیالة للفرد و المجمتع یدخل القلوب و یغیّر النفوس.

و أدب المقاومة هو الصوت المعبر عن روح المقاومة في المجتمعات التی تقاوم الظلم و الاضطهاد و هذا الأدب في نفس الوقت یُعبّر عن معناة الامم و آمالها و هویتها و تطلعاتها للمستقبل. هذا النوع من الأدب و الذی اکتسح مساحة كبيرة من الأدب، اضافة علی دوره في جمال اللغة و صیاغة الشعر علی سبیل المثال، أخذ یتجاوز هذه الجوانب الجمالیة، لیصبح بسرعة أداة فعالة و قوية للتحفیز و التعبئه و التوعیة الفردیة و الاجتماعیة.

احاول أن أشیر هنا الي هذه القدرات الخاصة في ادب المقاومة و أسلط الضوء علی بعضها:

تصعید النضال والمقاومة

ألادب و خاصة الشعر من أهم ألادوات و الوسائط لتحفیز و تصعید روح النضال و الجهاد و المقاومة بین الشعوب. أتذکر من أیام شبابي حین کنت أترنم بأشعار أبي القاسم الشابي، الشاعر التونسي المعروف، و خاصة شعره الذي یبدأ بهذا البیت: “إذا الشعب يومًا أراد الحياة؛ فلابد أن یستجیب القدر”. هذا النوع من الشعر، أصبح شعاراً مهماً للثورات و الجهاد في العالم الاسلامي و العربي ضد الاستعمار و الظلم و الاضطهاد.

تعزيز التضامن و الوحدة بین الشعوب: الأدب بصورة عامة و أدب المقاومة بشکل خاص یربط بین آحاد المجتمع المقاوم و یحثهم علی تعزیز الوحدة و التضامن فی نضالهم و جهادهم و یُشعر کل فرد من ذلک المجتمع بانه لیس وحده في المعرکة و هناک دعماً جماعیاً و جماهیراً فی طریق النضال و المقاومة.

التعبیر عن آمال و آلام الشعوب: من أهم الامور التی یقوم بها أدب المقاومة هو التعبیر عن الظلم و الاضطهاد التی تتعرض له الشعوب علی شتی مستویات الاحتلال، الاستبداد أو القمع. هذا الأدب یصف المآسي و الآلام بأسلوب انسانی و عاطفي یعکس عمق المأساة للنفس الانسانیة في کل مکان و یشعرها بعمق المعاناة و الظلم. و من جهة اخری فإن أدب المقاومة یبرز و یعزز الأمل رغم الألم و یغرس الآمال فی نفوس المجتمع المقاوم للتعبیر عن أیمانهم بالتحرر و الکرامة مهما طالت الآلام و المحن و المأسي.

أحیاء التراث الثقافي و تعزیز الهویة الوطنیة: أدب المقاومة هو أدب إحیاء التراث الثقافي و الرموز الوطنیة لتعزیز الهویة الجماعیة في المجمتع. و في نفس الوقت یقاوم محاولات الطمس الثقافي في زمن الاحتلال و تهمیش الهویة الوطنیة.

تسجيل تاریخ المقاومة و الاعتراض: أدب المقاومة یدوّن و یسجل و یثبت تاریخ المقاومة و الاعتراض للأجیال القادمة باعتباره وثیقة تاریخیة مهمة تُعبر عن الاحداث التی جرت فی المجمتع في طریق النضال و الجهاد و المقاومة بعیدا عن الروایات الإعلامیة أو الرسمیة.

تخليد أبطال و شهداء المقاومة و الجهاد: أدب المقاومة هو أدب تخلید و تمجید أبطال و شهداء المقاومة و الجهاد، لیبقی ذکرهم و تاریخهم و إرثم مصدراً مهماً للاجیال القادمة في طریقهم ضد الظلم و الاضطهاد.

إیصال رسالة المقاومة الی العالم الخارجي: أدب المقاومة یقوم بکشف حقائق و قضایا المقاومة و خاصة في جوانبها الانسانیة و العاطفیة و لذلک فهو رساله مهمة الی العالم یعکس آلام الشعوب المضطهدة من جهة و من جهة اخری تضامنهم و مقاومتهم للاحتلال و الظلم و الاضطهاد کما حدث مع الأدب الفلسطینی.

و في هذا المجال یمکننا أن نعطی بعض الأمثلة حول أدب و شعر المقاومة في العالم العربي. فعلی سبیل المثال: محمود درویش من أبرز شعراء المقاومة الفلسطینیه حیث سجل أشعاراً جسّد فیها معاناة الشعب الفلسطینی. غسان کنفاني في روایاتة مثل “عائد الی حیفا” عبر عن معاناة اللاجئین الفلسطینین و قضیة العودة الی ارض الوطن. محمد دیب من الجزائر، کتب عن نضال و کفاح الشعب الجزائری ضد الاحتلال و الاستعمار الفرنسی.

۲- عندكم أشعار جميلة عن قادة المقاومة، تفضلوا ما هو الدافع لإنشادها؟

من أهم العوامل التي بعثت في إنشاد هذه الأشعار هو الاحتفاء بقيادات المقاومة وتعريف المجتمع بموقعهم على طريق المقاومة ضد الظلم والاستبداد. وبطبيعة الحال فإن لغتنا عاجزة عن تمجيد وشرح مكانة هؤلاء الأبطال والشخصيات العظيمة في تاريخ المقاومة والجهاد. لكننا نحاول أن نقوم بذلك بشكل یتناسب مع قدراتنا الأدبیة المتوفرة لدينا حتى تكون الأجيال القادمة على دراية بالجهاد والصمود ومقاومة هؤلاء الأبطال ولن ننسى إسمهم و ذكراهم. و طبیعي إن الأشعار عن قادة المقاومة تُعتبر من أروع أشكال التعبير الأدبي، حيث تحمل في طياتها تمجيدًا للبطولة، وتخليدًا للتضحيات التي قُدمت في سبيل الوطن والحرية. تتعدد الدافع لإنشاد هذه الأشعار التی استندت علی الاهداف و القیم التی عاشها هؤلاء الابطال و منها:تخلید الذکری، إلهام الجماهیر للصمود و النضال، تعزیز الانتماء بالقضایا المهمة للشعوب و وحدتهم، عدم نسیان التضحیة و إن الشهداء هم رموز البطولة و الجهاد، تحفیز الاجیال القادمة لتبني قيم الشجاعة و التضحية والإخلاص کما فعله الابطال الشهداء. هذا هي بعض الدوافع التی جعلتني أن انشد اشعاراً حول هؤلاء الابطال في طریق الجهاد و النضال و خاصة في العالم الاسلامي.

۳- ما التغيير الذي حصل في ادب المقاومة بعد طوفان الأقصى؟ و هل نشهد تيار جديد يمكن أن نسميه ادب طوفان الأقصى؟

الیوم أدب المقاومة یعکس الواقع السیاسی و الثقافي و الاجتماعي و حتی العسکري التي تعیشه المجتمعات المقاومة و خاصة المجتمع الفلسطیني. فإن “طوفان الاقصی” الذی أطلقها القادة الفلسطینین ضد الاحتلال الإسرائیلی الصهیوني في ۷ اکتوبر عام ۲۰۲۳ أحدث زلزالاً عسکریاً و سیاسیاً و ثقافیاً في المنطقة و فی جمیع نقاط العالم، و قد أثر هذا الطوفان علی أدب المقاومة و النضال بشکل واسع و عمیق. فهناک تغییرات أساسیة طرأت علی أدب المقاومة بعد “طوفان الأقصی” أحاول ان أعطی هنا محاورها الأساسیة باختصار. المقاومة خرجت عن أسلوبها في طرح معاناة الشعب الفلسطیني الی رسم التحدي المباشر لتجسید الثقة بانتصار الإرادة أمام الهیمنة الصهیونیة. و کذلک النصوص الجدیدة الادبیة في هذا المجال أصبحت تُبرز الشجاعة و القدرة علی قلب المعادلات امام العدو، مع سرد یرکّز علی ابراز هذه القدرات اکثر مما کان یرکز في الماضي علی آلام الشعب الفلسطیني. إزدیاد رمزیه المسجد الأقصي في هذا الطوفان لیس فقط بأنه رمز دیني، بل أصبح اکثر من قبل، رمزاً للمقاومة الواسعة و الشاملة لتحریر فلسطین و الشعب الفلسطیني. عالمیة طوفان الأقصی و أثرها علی الشعوب ایضا هو من أسمی و ابرز ما شهده أدب المقاومة في هذا المجال حیث أصبحت النصوص و الشعارات تتحدث بلغه جدیدة قادرة علی التواصل مع الجمهور العالمي و لیس فقط المحلي أو الاقلیمی. و قد تداخل الشعر و النثر و الوطني و العالمي و المسلم و غیر المسلم في رسم هذا الطوفان المقاوم ضد الاحتلال الصهیوني مما أضفی علی أدب المقاومة طابعاً جدیداً معاصراً یعبر عن دینامیکیة الأحداث علی الصعید العالمي. و لذلک أصبح “طوفان الاقصی” خطاب العالم الحر في هذا العصر.

إذن هل يمكن تسمية التيار الجديد بأدب “طوفان الأقصى”؟ أجیب علی هذا السؤال بکلمة: نعم. و بقدرة و دراسة عمیقة لهذا الامر الذی یمکننا أن نسمی هذا التیار الجدیدة بـ “أدب طوفان الأقصی” فی عالمنا الیوم.

دخل أدب المقاومة بعد “طوفان الأقصى” مرحلة جديدة تتميز بالقدرة الحقیقة التي اعتمدت الثقة والانتصار، مع استلهام القيم الإيمانية والإنسانية و الأخلاقیة و لذلك فإن “أدب طوفان الأقصى” هو تيار أدبي و فني يعكس تحولات الواقع الفلسطيني علی الصعید المحلي و العالمي، ويمثل صرخة أمل ونضال في وجه الاحتلال، مما جعله نقطة انطلاق لمرحلة جديدة في أدب المقاومة لا یشبهه ما کتبة الادباء و الشعراء في الماضی بالرغم من أهمیة و عظمة ذلک التراث.

إذن ظهر الیوم أدب جدید یکمننا أن نسمیه بـ “أدب طوفان الاقصی” و لأسباب عدیدة أختصر بعضها هنا:

العلاقة الزمنية والمكانية: “طوفان الأقصی” کان هو الحدث الرئیسي و الذي صاغ نقطة التحول ألادبي والسياسي في القضية الفلسطينية، والأدب دائما یحاول ان یصوغ الاحداث لیصنع العلاقة و الارتباط الزمني و المکاني لهذه الاحداث حتی تبقي حیة في المجمتعات الإنسانیة.

صیاغة الهوية الجديدة للمقاومة: أدب “طوفان الأقصى” في حقیقته هو تعبیراً مهماً للهویة الجدیدة التی صاغها للمقاومة الفلسطینیة و التی وازنت بین قوة السلاح و الصمود و المقاومة و العاطفة و الاحساس المحلي و العالمي.

صناعة لغة جديدة علی الصعید الأدبي: ظهرت النصوص الادبیه بنثرها و شعرها و حتی علی صعید السینما و سائر الوسائط الاعلامیة بلغه جدیدة بعد “طوفان الاقصی” تعکس قدرة أدبیة عظیمة ظهرت بین طیاتها المقاومة و النضال و الصمود و الایمان بالانتصار حتی تعرف الاجیال القادمة ما جری في هذه الساحة و ماذا عمل المجاهدون و المناضلون و المقاومون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى