توقعات بصمود الأردن ومصر
كتبت نرمين المفتي: تظاهر مئات المصريين قرب معبر رفح يوم الجمعة الماضي، احتجاجاً على خطة الرئيس الأمريكي ترامب، بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد أكد رفضه وبشدة مقترح ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني، واصفاً إياه بأنه “ظلم لا يمكن أن تشارك مصر فيه”، وذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الكيني وليام روتو، في القاهرة يوم الأربعاء الماضي.
وجاء رد ترامب عليه في مؤتمر صحفي عقده في مكتبه في البيت الأبيض يوم الجمعة الماضي، وقال في جواب على سؤال لمراسل صحفي عما سيفعله في حال استمرار رفض الأردن ومصر لمقترح التهجير، “بأنهما ستفعلانه (وكررها لثلاث مرات)، لأننا فعلنا الكثير من أجلهما، وهما ستفعلانه”، علماً أن المؤتمر الصحفي كان بخصوص حادثة اصطدام طائرة مروحية عسكرية بأخرى مدنية.
وحللت صحف أمريكية هذه الثقة التي تحدث بها ترامب، بأن الوضع الاقتصادي في البلدين صعب وسيزداد صعوبة في حال قطع المعونات الأمريكية عنهما! في الوقت نفسه وفي تصريح وكأنه رد على تظاهرات المصريين قرب معبر رفح، نشرته صحيفة (جيروزالم بوست)، تساءل مندوب الكيان الصهيوني لدى الأمم المتحدة، داني دانون، مندوب إسرائيل في الأمم وهو الليكود، “لماذا تحتاج مصر كل هذه الغواصات والدبابات؟”، محذراً من زيادة تسليح الجيش المصري، متسائلاً “لماذا يصرفون سنوياً مئات الملايين من الدولارات على تسليح الجيش المصري”، مضيفاً بأنه سيوجه سؤالاً إلى الإدارة الأمريكية عن سكوتها وموافقتها على تحديث أسلحة الجيش المصرية!! وقالت مصادر صحفية إن هذا أول تصريح لمسؤول (إسرائيلي) رفيع عن الجيش المصري، منذ سنوات.
ونشرت صحف (إسرائيلية) وقبيل مغادرة نتنياهو إلى واشنطن للقاء ترامب، بأنه (نتنياهو) سيحاول إقناع ترامب باستئناف الحرب في غزة بعد الانتهاء من الهدنة والمرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى، ليرضي اليمين المتطرف في حكومته لاستمراره رئيساً لها، في الوقت الذي يرى فيه محللون سياسيون غربيون بأن ترامب، سيقنعه بعدم استئناف الحرب وبمقترح تهجير الفلسطينيين من غزة.
وكانت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الصهيونية قد نقلت عن مصدر في جيش الكيان، عن استعداده لتنفيذ المقترح وبأنهم فور صدور أمر ترامب سيقومون بالتنفيذ فوراً، ومن المتوقع أن تصمد الأردن ومصر في رفضهما لتهجير الفلسطينيين من غزة، برغم التهديدات بقطع المساعدات الأمريكية، لأن القضية الفلسطينية تعتبر قضية وجودية لكلا البلدين، ولن يكون من السهل التخلي عنها، فضلاً عن أن البلدين لا يريدان قلاقل سياسية فيهما ومشاكل حدودية مع الكيان، خاصة من جهة سيناء، ومع ذلك، فإن الضغوط الأمريكية ستخلق تحديات إضافية، مما قد يدفع البلدين إلى البحث عن بدائل استراتيجية واقتصادية، لتعويض خسارة المساعدات.
قطع المساعدات الأمريكية عن الأردن ومصر سيكون له تداعيات كبيرة، ولكنه لن يكون بالضرورة قادراً على إجبار البلدين على تغيير موقفهما، الأردن ومصر لديهما مصادر بديلة للدعم، سواء من دول الخليج أو من قوى إقليمية ودولية أخرى، بالإضافة إلى ذلك، فإن القضية الفلسطينية تحظى بتأييد شعبي واسع في كلا البلدين، مما يجعل أي تنازل في هذا الملف أمراً صعباً من الناحية السياسية.
ومهما يكن من أمر، فالنازحون الذين عادوا من جنوب قطاع غزة إلى شماله، إلى بيوتهم المدمرة كلياً أو جزئياً، يحاولون التأقلم مع هذا الدمار الكبير ويقررون التمسك بأرضهم مهما كانت التصريحات الخاصة بإعمار غزة محبطة وآخرها، تصريح مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، والذي كرر تلك التصريحات بعد زيارته القطاع في الأسبوع الماضي، بأن إعمار غزة تحتاج إلى ١٠- ١٥ سنة، وبأن على الأردن ومصر أن تعطيا حلاً بديلاً عن مقترح التهجير.