كتب باسم محمد حبيب: كمواطن عراقي من الجنوب، لا أغالي إذا قلت إن كل الحكومات التي تولت الحكم في العراق من العام 1921 وإلى الآن مقصرة معه، ولعل ما يثير الغرابة أن وضع الجنوب لم يتحسن من ناحية الإعمار والخدمات حتى بعد العام 2003، إذ نجد أن نسب الإعمار وتطوير الخدمات والبنى التحتية في الجنوب خلال هذه المدة أقل من نسبها في المحافظات الأخرى، الأمر الذي يثير تساؤلاً عن أسباب ذلك.
وبالطبع حاول البعض انطلاقاً من دوافع مختلفة تبرير ذلك بكثرة التحديات التي واجهها العراق بعد العام 2003. وهي تحديات كلفت البلد أموالاً طائلة، من بينها أموال تم صرفها على إعداد وتدريب القوات العراقية وتجهيزها بأنواع الأسلحة التي تحتاجها لمقارعة الإرهاب. الذي أغرق البلد بالدماء وشكل أكبر تحدياً أمام الحكومات التي جاءت بعد العام 2003. فيما حاول البعض ربط إهمال الحكومة لهذه المحافظات بكارثة الفساد الذي كبد البلاد خسائر كبيرة تجاوزت عشرات المليارات من الدولارات. معظمها جرى تهريبها إلى خارج البلاد في أكبر عملية غسيل أموال شهدها التاريخ.
لكن لا يمكن تقبل هذه التبريرات، لأنه لو كان السبب في الإرهاب والفساد لتأثرت بذلك كل محافظات العراق، فيما أننا نجد أن وضع محافظات كردستان أفضل بكثير من وضع بقية المحافظات الأخرى. وهذا ما يصح أيضاً على محافظة الأنبار التي شهدت عملية إعمار مثيرة للإعجاب، ففي ظرف سنتين بعد تحريرها من داعش. نفضت مدن الأنبار عنها رداء الخراب والدمار واستبدلته بحلة البناء والإعمار التي شملت البنى التحتية من طرق وجسور وشبكات الصرف الصحي وساحات عامة ومشافي ومدارس .. الخ. فباتت الأنبار بحلة جديدة.
وبالطبع نحن فرحون جداً بما تشهده هذه المحافظات العراقية العزيزة من حملات بناء وتطوير، لكن من حقنا أن نسأل حكومتنا المركزية وحكوماتنا المحلية عن سبب تخلف محافظات الجنوب عن ركوب موجة البناء والإعمار هذه. ولماذا تمتلك هذه المحافظات أكبر نسبة من المشاريع المتلكئة والوهمية وأكبر نسبة من المدارس الطينية والمشتملة على نواقص. فضلاً عن سوء حالة المشافي والمراكز الصحية مع رداءة حالة الطرق والجسور وأمور أخرى كثيرة.
فواقع حال هذه المحافظات لا يحتمل سوى أمرين لا ثالث لهما: أما أن الأمر نابع من إهمال الحكومة المركزية لهذه المحافظات وتجاهلها لحاجاتها انطلاقاً من رؤيتها للأولويات. أو أن ذلك ناتج من تقصير مسؤولي هذه المحافظات وممثليها في البرلمان الذين لم يكونوا بمستوى ما وضع في عهدتهم من مسؤوليات. وإذا ما علمنا أن الحكومة المركزية مكونة من أفراد عديدين أصولهم من هذه المحافظات. لأدركنا عظم تقصيرهم الذي يتطلب وقفة منا لكي نفهم أسبابه ومبرراته حتى يمكننا تغيير الأمور بما يضمن عدم تكرار مثل هذا التقصير مستقبلاً.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية