انتقد خطيب جمعة البصرة الشيخ فائز المياحي تردي الواقع الصحي، فيما لفت إلى أن الرعاية الصحية تعتبر أحد مؤشرات نجاح او فشل اي حكومة، بقدر توفير نظام صحي متكامل تكون تلك الحكومة ناجحة في رعاية شعبها وتكون حكومة ناجحة.
وقال خطيب جمعة البصرة إن “وجدت وزارة الصحة متراجعة فقل ان تلك الحكومة مهما رفعت من شعارات فهي فاشلة وفاسدة. نحن في بلد غني بالثروات، ويتضمن أفضل الخبرات، وقابليات عالية، واستعدادات غير قاصرة…. فما هو واقعنا الصحي”.
وأضاف أن “نظرة سريعة إلى هذا الواقع تخبرنا بتراجع كبير بل نرى مآس. رغم اننا لا ننكر جهود نسبية هنا وهناك ومراكز تخصصية”. متابعا: “كن واقعنا بحاجة الى اضعاف ما هو قائم، وامكانيات البلد ليست قاصرة لكن السلطات تنظر الى المواطن كهدف ثانوي بل كوسيلة لا أكثر”.
وتابع: “تظهر بيانات منظمة الصحة العالمية ان الحكومة انفقت على القطاع الصحي خلال العشر سنوات الأخيرة اقل بكثير من دول أفقر من العراق حوالي 161 دولار للفرد في المتوسط (هذا مع علمنا بان اغلب هذا المبلغ يذهب لفساد المتنفذين) في حين انفقت الأردن 340$ ولبنان حوالي 650 $، ، ولو قارنا البصرة مثلا بمحافظة السليمانية نجد 38 مستشفى حكومي في السليمانية مقارنة بـ(14 مستشفى) في البصرة فقط مع ان البصرة اكثر سكانا واكثر تعرضا لمسببات الامراض والتلوث ولا ننسى ان البصرة توفر اكثر من 90% من واردات الدولة العراقية، كان اخر مستشفى كبير في البصرة بدايات الثمانينيات (المستشفى التعليمي)”.
ولفت المياحي إلى أن “نحن بحاجة ماسة كمية ونوعية لتطوير الجانب الصحي، ومن اهم تلك المتطلبات، نذكرها من هذا المنبر الى كل الجهات المعنية في الحكومة المحلية والمركزية ورؤساء الكتل:
1. نحتاج الى مستشفيات أكثر من ضعف هذا العدد مع زيادة التخصصات والتخصصات الدقيقة. لماذا تبقى المستشفى التركي –مثلا- تتأكل بنيته ولا يدخل للعمل ، وقد انفقت عليه وزارة الصحة 150 مليون دولار، ويفترض من 2012 تدخل حيز العمل كم وزير وكم جهة استلمت الصحة وبقيت المستشفى مهملة مقابل نسب او طلب نسب من الشركة على حساب المال العام وعلى حاسب الانسان وحياته، لو كانت هذه مستشفى اهليا فكم جنت من الأموال خلال هذه السنوات وكم عالجة مرضى؟! لكن القطاع الحكومي يعاني الإهمال والابتزاز، او نجد اساسات لمستوصفات ومراكز هنا وهناك تترك للاندثار بعد إنفاق الملايين عليها مثل مستشفى قضاء شط العرب وقس على مستوى العراق…
2. توفير المتطلبات اللازمة للمراكز التخصصية، كمركز زراعة الكلى. ومركز جراحة القلب ومركز امراض الدم الوراثية….
3. توفير الادوية الساندة للحياة لاسيما السرطان، (مريض يرقد في المستشفى الحكومي ويصرف اغلب الدواء من الصيدلية الخارجية..!)
4. نعاني من مشكلة ضعف التشخيص الذي يطلب مختبرات متطورة وأجهزة كشف حديثة لان هناك أرواح كثيرة يمكن انقاذها بدقة التشخيص وسرعته، لماذا ينتظر المريض حتى يستفحل المرض او قد لا يصله الدور بل يموت ولا يعلم السبب بالضبط….
5. زيادة عدد الكوادر الطبية والتمريضية والخدمية، إذا كنت تحتاج الى عدد أكبر من الأطباء لماذا تضغط على خريجي السادس حتى يذهب الى معهد تمريض بمعدلات تتجاوز التسعين؟ طالب سادس اعدادي حصل على هكذا معدل ممتاز، تهدر طاقته حينما يكون هو وخريج اعدادية التمريض بنفس العمل… ولماذا يقبل من هو اقل درجة في كلية طب أهلية او البدعة الجديدة التعليم الموازي، بينما يذهب الفقير الى التمريض؟! لماذا تم اغلاق اعداديات التمريض مما سبب تناقصا كبيرا في عدد المناوبين وساعات طويلة في المناوبة، كل هذا حتى لا يتم تعيين موظفين حفظا على أموال الحكومة التي تُهدر في مشاريع وهمية وتذهب الى جيوب الفاسدين.
6. تدريب وتطوير الأطباء والكوادر الطبية والساندة في بعثات للخارج، ويجب ان يكون هذا ضمن اوليات الحكومة لأن هؤلاء اهم من وزير او مدير يبعث للخارج ليجيد عملا اداريا او يتعلم بروتكولات شكلية، والمصيبة ان البعثات غالبا ما تكون نزهة وترفيه لأشخاص ليسوا من ذوي العلاقة.
7. الاستعانة بأطباء من الخارج وتوفير المناخ المناسب لهم للعمل في العراق، وزيادة الدعم الحكومي للمساعدات المرضى المرسلين للخارج.
كل هذا الكلام هو عن البعد الفني والمادي لكن هناك بعدا اهم من الماديات… نعم المال عزيز عند اغلبنا لكن الربح الحقيقي هو الربح الذي يبقى للإنسان ابد الابدين
ربحه ينما يتعامل بإنسانية ورحمة وشفقة ويتحمل الضغوط ولا يبيع قيمه ونفسه للماديات: الحكومة، الأطباء، الممرضون، الصيادلة، المختبرات، المواطنون”.
ووفقا له فإن “كلنا يجب ان نتحلى بالجانب الإنساني ونحافظ على القيمة السامية التي اوصت بها الأديان وتوافق ذوق كل انسان يمكنك ان تربح ولكن لاتكن جشعا، انت تعبت وسهرت ونجحت ووصلت، لكن تذكر إنما ذلك بفضل الله عليك، وهو اختبار لك، فإن نجحت في الدنيا وبلغت اعل الشهادات وصرت في ارفع المستويات، فلا تخسر في الآخرة، لا تتنازل عن انسانيتك وتتحول الى الة مقيتة لجمع الأموال، تتساوم مع المختبرات والصيدليات والسونارات على حساب المريض المسكين الأسير بين يديك، لا تفكر بفقير ولا محتاج ولا ضعيف ولا مريض انما تفكيرك الربح فتكون ممن قال عنهم أمير المؤمنين عليه السلام وَ لَبِئْسَ اَلْمَتْجَرُ أَنْ تَرَى اَلدُّنْيَا لِنَفْسِكَ ثَمَناً وَ مِمَّا عِنْدَ اَللَّهِ عِوَضاً. وقال الله سبحانه عنهم: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ.
بل كن ممن قال سبحانه عنهم: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. وهذا يحتاج تخلي عن اسر المادة وعدم الانصياع خلف النفس الحريصة والثقة بما وعد الله والقناعة فهي كنز لا يفنى وما اتعس من جمع لغيره “فَيَكُونُ اَلْمَهْنَأُ لِغَيْرِهِ وَ اَلْعِبْ ءُ عَلَى ظَهْرِهِ”
ما أعظم الأطباء الذين يتعاملون باحترام وإنسانية وصبر مع المرضى وذويهم ويستشعرون الحالة النفسية التي يمرون بها…
كم يجني أولئك الأطباء من الاجر والربح العظيم حينما تجدهم يتنافسون على المراكز الخيرية ويقدمون خبراتهم بثمن مادي زهيد لكنهم يربحون رضا الله ورضا الضمير وسعادة القلب وقرة العين، شتان بين من يأخذ اجره عاجل زائلا وبين من ينظر الى أجر الأخرة وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى”.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز