كتب نجاح العلي: منذ انطلاق الثورة الصناعية قبل ما يقرب من المئتي سنة، أدى الاستخدام الكبير للموارد الطبيعية والوقود الأحفوري وبخاصة الفحم والنفط ومشتقاته، إلى زيادة إطلاق الغازات الدفيئة، وفي مقدمتها ثاني أوكسيد الكاربون والميثان واحتباسها داخل الغلاف الجوي، مسببة ارتفاع درجة حرارة الأرض، مما أدى إلى تغيرات مناخية عديدة.
هناك دول متسببة بهذه الأمر متمثلة بالدول الصناعية المتقدمة تقنياً والمستقرة اقتصادياً في الموارد والبنى التحتية، لذلك فهي تملك القدرة على التكيف مع هذه الظاهرة العالمية، وهناك دول متضررة وغير متسببة بهذه الظاهرة متمثلة بالدول الفقيرة والدول النامية، ولا تملك القدرة على التكيف معها دون دعم وإسناد وتعويض من الدول المتقدمة، التي أثرت وما زالت تؤثر سلباً في البيئة.
التغيرات المناخية أدت إلى تفاقم عدم المساواة في مجالات الصحة العامة والإسكان والاقتصاد والبنى التحتية، وبحسب الأمم المتحدة فإن آثار تغير المناخ لن يتم تحملها بالتساوي أو بشكل عادل على المستوى الدولي أو المحلي بين الأغنياء والفقراء، والنساء والرجال، والأجيال الأكبر سناً والأصغر سناً، لهذا تتعامل العدالة المناخية مع هذه الظاهرة من منظور تداعياتها على حقوق الإنسان، وهذا ما تؤكد عليه المؤتمرات العالمية السنوية للمناخ، بضرورة تعويض الدول المتضررة مناخياً ومساندتها في التحول التدريجي نحو الاقتصاد الأخضر المستدام.
ينسحب الأمر من المنظور الدولي إلى المنظور المحلي، ففي الغالب تفتقر المجتمعات ذات الدخل المنخفض إلى البنية التحتية الكافية للصحة والسلامة للتكيف والاستجابة لحالات الطوارئ المناخية، وهنا يأتي دور العدالة المناخية، بضرورة توزيع الموارد بشكل عادل على السكان الذين سيعانون أكثر من غيرهم في مواجهة التغيرات المناخية حالياً، وفي المستقبل القريب، وهذا حق مكتسب من حقوقهم، وليس منة من أحد أو ترفاً اجتماعياً.
إعلامي مختص في الشأن البيئي