أقيمت صلاة الجمعة المباركة، بجامع الرحمن في المنصور، بإمامة الشيخ عادل الساعدي.
وتضمنت خطبتا صلاة الجمعة، وتابعتهما “النعيم نيوز”:
الخطبة الأولى
عنوان الخطبة: شهر رمضان محطة التأهيل والعودة إلى أصالة الروح.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُمَّ إنّي أفتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمدِكَ وَأنتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَنِّكَ وَأيقَنتُ أنَّكَ أنتَ أرحَمُ الرَّاحِمينَ في مَوضِعِ العَفوِ وَالرَّحمَةِ، وَأشَدُّ المُعاقِبينَ في مَوضِعِ النِّكالِ وَالنَّقِمَةِ، وَأعظَمُ المُتَجَبِّرينَ في مَوضِعِ الكِبرياءِ وَالعَظَمَةِ. اللهُمَّ أذِنتَ لي في دُعائِكَ وَمَسألَتِكَ فاسمَع يا سَميعُ مِدحَتي وَأجِب يا رَحيمُ دَعوَتي وَأقِل يا غَفورُ عَثرَتي، فَكَم يا إلهي مِن كُربَةٍ قَد فَرَّجتَها وَهُمومٍ قَد كَشَفتَها وَعَثرَةٍ قَد أقَلتَها وَرَحمَةٍ قَد نَشَرتَها وَحَلقَةِ بَلاءٍ قَد فَكَكتَها، الحَمدُ للهِ الَّذي لَم يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً وَلَم يَكُن لَهُ شَريكٌ في المُلكِ وَلَم يَكُن لَهُ وَليٌ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرهُ تَكبيراً، وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، وأشهد أن المصطفى من خليقته والمجتبى من بريته أبي القاسم محمد اللهم صل عليه وعلى آله المعصومين الاطهار صلاةً لا غاية لعددها ولا نهاية لمددها.
عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله ولزوم أمره، والاستنان بسنة نبيه والتمسك بأهل بيته، عباد الله إنّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكّوها باستغفاركم، وظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخفّفوا عنها بطول سجودكم، واعلموا أنّ الله تعالى ذكره أقسم بعزّته أن لا يعذّب المصلّين والسّاجدين، وأن لا يروّعهم بالنّار يوم يقوم النّاس لرب العالمين.
قال تبارك وتعالى { شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَ الْفُرْقانِ }
في ظل الحياة اليومية التي يعيشها الإنسان، وعلى مدى اثني عشر شهراً من الرتابة قد تجعل من الإنسان غافلاً عما هو مطلوب منه، فيحتاج الإنسان في ظل هذه الانشغالات اليومية ومتطلبات الحياة، إلى محطةٍ يتوقف عندها، ويغير مسار بوصلته الحياتية اليومية، هذه المحطة تعد من محطات بناء الذات ومراجعتها وتهذيبها وتقويم الخلل الناشئ عن غفلته، هذه المحطة أخذت من عمر الزمن المترامي شهراً يتحسس من خلالها الإنسان ذاته الحقيقية، في هذه المحطة ينتقل الإنسان من مادية خلقه وطنيتها إلى بعدها المعنوي والروحي، ينتقل من بشريته إلى إنسانيته، من الصحيح أن الإنسان لا يمكنه أن يتغافل طبيعته المادية والجسدية، لكن ليس من المعقول أن يغفل عن بعده المعنوي والروحي، ذلك البعد الغيبي والذي هو أصل وجود الانسان وحقيقته، ولكن البشر قد غيبوه بسبب فنائهم بماديتهم، واللهث وراء شهواتهم وغرائزهم.
لذا نحتاج أن توقف قليلاً في ميدان الحياة عند محطة التأهيل الروحي والنفسي وهو شهر رمضان. ما الغاية من صوم شهرٍ كاملٍ، يتلظى خلاله بنوا آدم جوعاً وعطشاً ؟
إن الغاية الأساسية من هذا المضمار الروحي أمور عدة، ومنها:
أولاً : هي العودة لأصالة الإنسان وحقيقته، وهي الإنسانية ببعدها الروحي والقيمي، ولا يتم هذا إلا من خلال هذه الدورة التي تبدأ بصوم شهرٍ كامل لقطع علائق البعد المادي وإضعاف الشهوات لتحرير ذاته من أسرها، قال تبارك وتعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فالتقوى استيقاف النفس عن غيها وإيغالها في شهواتها.
ثانياً: التربية النفسية وتهذيب جوارحها، فليس الصوم عن الطعام والشراب، بل الصوم صوم الجوارح، صوم العين عن الخيانة وعمَّا لا يحل لها النظر إليه، وصوم الأذن عن سماع الغيبة وكل كلام فاحش محرم، وعن اللهو وغيره، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنه (صلى الله عليه وآله): (يقول الله عز وجل من لم تصم جوارحه عن محارمي فلا حاجة لي في أن يدع طعامه وشرابه من أجلي). لهذا يبين لنا صادق أهل البيت ما المطلوب منا أثناء الصوم وكيف نصوم؟ روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (إذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك وعدد أشياء غير هذا، وقال: لا يكون يوم صومك كيوم فطرك)، وما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: (صوم الجسد الإمساك عن الأغذية، بإرادة واختيار خوفا من العقاب، ورغبة في الثواب والأجر، صوم النفس إمساك الحواس الخمس عن سائر المآثم، وخلو القلب من جميع أسباب الشر) وأعلى منهما، أعلى من صوم البطن والغرائز وصوم الجوارح، صوم القلب عن التفكر بالآثام والخطايا، وتنقية القلب من الغل والحقد والبغض والحسد، واستفراغ القلب لله وحده فلا شريك معه، وهذا صوم دائم ليس في شهر رمضان فحسب، بل في سائر أيامه ما بقي المؤمن حيا، وهو ما ركز عليه أمير المؤمنين عليه السلام، روي عنه آنه قال: صوم القلب خير من صيام اللسان، وصيام اللسان خير من صيام البطن.
ثالثاً: الشعور بالآخرين، إن لله صفات وأسماء يحب أن يراها في عباده ، كصفة الرحمة والإحسان والرأفة والرازقية والكرم، فالصوم يشعرك بالآخرين وتتحسس حاجاتهم، لما سُئِل الإمام الصادق (عليه السلام) عن علة فرض الصيام فقال: أما العلة في الصيام ليستوي به الغني والفقير، وذلك لأن الغني لم يكن ليجد مس الجوع، فيرحم الفقير، لأن الغني كلما أراد شيئا قدر عليه، فأراد الله عز وجل أن يسوي بين خلقه وأن يذيق الغني مس الجوع والألم، ليرق على الضعيف ويرحم الجائع، لذا نرى أن التكافل الاجتماعي ينشط بين الناس في مثل هذا الشهر ويكثر فيه اطعام الطعام، وإفطار الصائمين، وهذه الصفة صفة التكافل من أرقى صور الإنسانية التي حثت الشريعة عليها، وهي من أبلغ صور الإنسانية ببعدها الروحي والقيمي تتجلى في هذا الشهر الكريم.
أيها الأحبة إن الصوم جنة من النار، وغنيمةُ الفوزِ برضا العزيزِ الغفار، فلا تضيعوا أنفسكم فيه، ولا تحرموا أنفسكم المغفرة في أيامه ولياليه، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن الشقي حق الشقي من خرج من هذا الشهر ولم يغفر ذنوبه.
اللَّهُمَّ قَرِّبني فيهِ إلى مَرضاتِكَ، وَجَنِّبني فيهِ مِن سَخَطِكَ وَنَقِماتِكَ، وَوَفِّقني فيهِ لِقِراءَة آياتِكَ، بِرَحمَتِكَ يا أرحَمَ الرَّاحِمينَ ، وصلى الله على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
{ بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (٢) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣) } الكوثر [١-٣]
الخطبة الثانية
عنوان الخطبة : الوجه القبيح للحضارة الغربية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمدُ للهِ الَّذي هَدانا لِهذا وَما كُنا لِنَهتَديَ لَولا أن هَدانَا اللهُ، الحَمدُ للهِ الَّذي يَخلُقُ وَلَم يُخلَق وَيَرزُقُ وَلا يُرزَقُ وَيُطعِمُ وَلا يُطعَمُ وَيُميتُ الأحياءَ وَيُحييَ المَوتى وَهُوَ حَيٌ لا يَموتُ بيَدِهِ الخَيرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شيءٍ قَديرٌ.
اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبدِكَ وَرَسولِكَ وَأمينِكَ وَصَفيِّكَ وَحَبيبِكَ وَخِيَرَتِكَ مِن خَلقِكَ وَحافِظِ سِرِّكَ وَمُبَلِّغِ رِسالاتِكِ أفضَلَ وَأحسَنَ وَأجمَلَ وَأكمَلَ وَأزكى وَأنمى وَأطيَبَ وَأطهَرَ وَأسنى وَأكثَرَ ما صَلَّيتَ وَبارَكتَ وَتَرَحَّمتَ وَتَحَنَّنتَ وَسَلَّمتَ عَلى أحَدٍ مِن عِبادِكَ وَأنبيائِكَ وَرُسُلِكَ وَصَفوَتِكَ وَأهلِ الكَرامَةِ عَلَيكَ مِن خَلقِكَ، اللهُمَّ وَصَلِّ عَلى عَليٍّ أميرِ المُؤمِنينَ وَوَصيِّ رَسولِ رَبِّ العالَمينَ عَبدِكَ وَوَليِّكَ وَأخي رَسولِكَ وَحُجَّتِكَ عَلى خَلقِكَ وَآيَتِكَ الكُبرى وَالنَّبَأ العَظيمِ، وَصَلِّ عَلى الصِّدّيقَةِ الطَّاهِرَةِ فِاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمينَ، وَصَلِّ عَلى سِبطَي الرَّحمَةِ وَإمامَي الهُدى الحَسَنِ وَالحُسَينِ سَيِّدَي شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ، وَصَلِّ عَلى أئِمَّةِ المُسلِمينَ عَليِّ بنِ الحُسَينِ وَمُحَمَّدٍ بنِ عَليٍّ وَجَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ وَموسى بنِ جَعفَرٍ وَعَليٍّ بنِ موسى وَمُحَمَّدٍ بنِ عَليٍّ وَعَليٍّ بنِ مُحَمَّدٍ وَالحَسَنِ بنِ عَليٍّ وَالخَلَفِ الهادي المَهدي، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ وَاُمَنائِكَ في بِلادِكِ صَلاةً كَثيرَةً دائِمَةً.
قال تبارك وتعالى {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَ إِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ}
مازال الصراع بين الإسلام كحضارة روحية وقيمية وبين الحضارة الغربية المادية، هو المشهد الثابت، ليس كما يُتَصوَّر أنه وليد نهايات القرن الماضي واشتداده في هذين العقدين المنصرمين، بل هو وليد صراع الحق والباطل، صراع أصالة القيم أمام سيطرة المادة، بين الروح والجسد، واليوم بدت تتجلى حقيقة الحضارة المادية بكل قباحتها، فلم تعد تنفعها مساحيق التجميل ولا آخر أزياء الموضة ولا أفلام هوليود التي تحاول أن تظهرها بمظهر راعية الحقوق والإنسانية. لا يختلف ـ على ما أعتقد ـ اثنان أن الغرب طرح نفسه كحضارة بعد انسلاخه عن الدين وأعلن التمرد على الكنيسة بكل قيميها واتجهت نحو العلمانية بعصر النهضة الأوروبية، وازدادت ذروتها في بدايات القرن الماضي، ولكن ماذا أنتجت هذه الحضارة؟ وكيف تعاملت مع الآخر؟ أنتجت وجوهاً عديدة لحضارتها، ومن هذه الوجوه:
الوجه الأول: لغتها السلاح ومنهجها الحرب، إن الحربين العالميين الذين شهدهما العالم خلفت أكثر من سبعين مليون قتيل، واحتلت شعوب العالم بما فيها العالم الإسلامي الذي لم يكن له فيها دخل، وأعادت هذه الدول العمل بتجارة الرقيق، وكان الأفارقة الحظ الأوفر من السوء أن كانوا هم رأس مال وبضاعة تلك التجارة بسبب قواهم الجسمانية، فأخذوا يصطادونها كما تُصطاد الحيوانات، فكان حظهم أن من كل خمسة اشخاص ينجو واحداً منهم بسبب سوء المعاملة واستخدام العنف المفرط معهم وبلا رحمة، وقد سجلت الإحصائيات أنه تم ترحيل أكثر من مائة مليون أفريقي آنذاك للعمل القسري إلى أوروبا.
الوجه الثاني: القضاء على شعوب بأكملها أو طمس هويتها ومسخ قوميتها كما حصل في هنود أمريكا، ولعل شعب السلينام خير مثال هؤلاء كانوا يقطنون في منطقة بتاغونيا المعزولة بين تشيلي والأرجنتين وكان تعداد سكانها ثلاثة آلاف نسمة اكتشفهم الإسبان من خلال نيران خيامهم، فاستولوا على أراضيهم وقتلوا الحيوانات التي يعتاشون عليها، ولأنهم بدائيون لم يفهموا معنى الملكية الشخصية فأخذوا يصطادون من خراف مزارع الإسبان الذي اعتبره الإسبان فعل قطاع طرق، وأخذوا يصطادونهم ويقتلونهم واطلقوا العصابات من أجل ذلك، شرط أن يقطع إذن من يقتل كدليل على قتله، بعدها حولتهم إلى معروضات حيوانية، حيث أرسلت في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ثلاث مجموعات منهم لعرضهم في حدائق أُطلِقَ عليها حدائق الحيوانات البشرية وكانوا يعرضون 6 ـ 8 مرات يومياً، وبسبب سوء الرعاية الصحية مات الكثير منهم أثناء النقل، وفي عام 1919 أصبح عددهم مائتين وسبعة وتسعين شخصاً وبحلول عام 1945 نقص العدد إلى 25 شخصاً، وبحلول عام 1974 أُعلن وفاة إنجلينا لويج أخر امرأة وهي آخر شخص هندي من شعب السلينام، وبهذا انقرضت لغة التشون التي كانوا يتحدثها هذا الشعب الذي انقرض على يد الحضارة الغربية بكل وحشية، شارك فيها العالم الغربي أجمع.
الوجه الثالث: استخدام الوحشية المفرطة كاستخدام القنبلة النووية في هيروشيما التي قتلت بالحال أكثر من سبعين ألف باللحظة والذين نجوا ماتوا بعد ذلك، بسبب الإشعاع النووي وأمراض السرطان وغيرها من الأمراض التي خلفتها القنبلة، لتلحقها أختها نكازاكي التي قُتِلَ فيها عشرات الآلاف أيضاً.
الوجه الرابع: انتشار حالات الإدمان على الخمور والمخدرات، هذه الحضارة التي أرادت أن تصنع الفردوس الأرضي بدلاً عن جنة السماء ليسعد فيها الإنسان الذي أعطته الحرية الكاملة، لم يجد فيها ذلك إلا الإدمان ومن ثم الانتحار حينما يجد ضغط الحياة وآلامها غير محتمل، حتى أصبحت سمة الانتحار هي السمة الواضحة في شعوب تلك الحضارة، لدرجة تم إنشاء مراكز خاصة بهذا الشأن، ليست مراكز لمعالجة حالات الاضطراب، بل مراكز للموت الرحيم، وأجازها القانون رسمياً معتمدين على أصل حرية الإنسان وملكيته لنفسه ويفعل فيها كيفما يشاء، ويعتبر هذا نوع من التكريم، في الوقت الذي تسعى فيه الحضارة الدينية والإسلامية بالذات إلى تطبيق مبدأ الكرامة البشرية، قال تبارك وتعالى {وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَ حَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَ فَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً} (الإسراء ـ70)، التكريم هو خلق الحياة الأفضل للإنسان وأن يعيش معززاً مكرماً مخدومات لا أن يكرم بالموت الرحيم كما يطلقون عليه.
الوجه الخامس: نشر الانحلال والمثلية وإقرارها قانوناً رسمياً في تلك الدول وكانت أمريكا أول هذه الدول والتي عدها باراك أوباما انتصاراً لأمريكا وانتصاراً للحرية، بحيث فقدت كل معالم الاستقامة حتى صارت ترى الشذوذ حرية وانتصاراً للإرادة، قال تبارك وتعالى {وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ} (البقرة ـ 11)، هؤلاء الذين يرون التمرد والانحلال قيمة عليا تمثل حرية الإنسان، وترى الالتزام والثبات على القيم شذوذاً وانحرافاً عن الصراط، قال تبارك وتعالى حاكياً عنهم على لسان قوم لوط {فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ}(النمل ـ 56)، فقد حكمت محكمةٌ في إحدى ولايات المتحدة الأمريكية، على شاب أحرق علم المثليين، بست عشرة سنة، خمس عشرة سنة لإهانته المثليين، وسنة للعبه بالنار.
الوجه الأخير: امتهان المرأة مرت علينا مناسبتان تخص المرأة في هذا الشهر الأولى يوم المرأة والثانية يوم الأم، وكلا المناسبتين تهتمان بحقوق المرأة وتقديرها وتقييم عطائها ومساعدتها في إثبات مكانتها الاجتماعية، وقد أوصت الشريعة باحترام هذا الجنس المناظر للرجل، وفي يوم المرأة كرّمت سيدة أمريكا الأولى جيل بايدن، ووزير خارجية أمريكا أنتوني بلينكين، رجل متحول جنسياً بيوم المرأة العالمي بجائزة المرأة الدولية للشجاعة، بيوم المرأة تكرم رجلاً شاذاً متحولاً جنسياً مما أثار سخط النساء في أمريكا، أي امتهان للمرأة وصلت له هذه الحضارة وأي خسةٍ تنتهك حقوق المرأة بيوم المرأة، حتى قالت بعض الناشطات أن الرجل دوماً أفضل من المرأة، وأخرى قالت يظهر أن لا امرأة تستحق التكريم بيومها فكرموا الرجال المتحولين.
هذه الصورة الحقيقية للحضارة الغربية التي يلهث وراءها اللاهثون ويتبعونها اتباع الفصيل إثر أمه، بلغت أوسع مديات الانحراف التي ستنهار لا محالة، كما أنبأ عنها القرآن الكريم { أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (التوبة ـ 109) ووعد الله وأهو أصدق الواعدين الصالحين بالبقاء والازدهار، قال تبارك وتعالى { وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ } (الأنبياء ـ 105)
اللهُمَّ إنّا نَرغَبُ إلَيكَ في دَولَةٍ كَريمَةٍ تُعِزُّ بِها الإسلامَ وَأهلَهُ وَتُذِلُّ بِها النِّفاقَ وَأهلَهُ، وَتَجعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إلى طاعَتِكَ وَالقادَةِ إلى سَبيلِكَ وَتَرزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ، برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
إن أصدق القول وأبلغ الموعظة قول الله تبارك وتعالى { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } .
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ألا فاستغفروه
{ بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (٢) وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٣) وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (٤) وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ (٦) } الكافرون [١-٦]”.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز