مقالات
أخر الأخبار

ردود على بعض الادعاءات بخصوص القانون الشرعي للأحوال الشخصية

كتب عبد الزهراء الناصري: سمعنا سيلاً من الأكاذيب والأباطيل أطلقها العلمانيون ومنظمات مرتبطة بسفارات غربية داعمة للشذوذ والجندر، تستهدف القانون الشرعي للأحوال الشخصية … ونعلق على بعض هذه الأكاذيب:

 

1. إن العلمانيين بإمكانهم أن ينظموا أحوالهم الشخصية وفق القانون الوضعي الساري (رقم ١٨٨) لسنة ١٩٥٩، ولا يتضمن تعديل القانون إجباراً لهم بالالتزام بأحكام القانون الشرعي، فلماذا يريدون أن يجبروا المتدينين على تنظيم أحوالهم الشخصية خلاف معتقداتهم ودينهم، أليس هذا استبداد من العلمانيين !؟

2. يثيرون كذبة واضحة وتدليس خبيث متعمد بأن القانون يسمح بزواج القاصرات متذرعين بأن سن البلوغ الشرعي هو تسع سنوات، وهذا كلام كذب لعدة أسباب:

أ- هنالك فرق بين سن البلوغ وسن الزواج وسن الأهلية لممارسة أدوار ووظائف تتعلق بجانب مالي واقتصادي، فسن البلوغ هو تحديد لمدار توجه التكاليف الشرعية للإنسان، وليس مؤهلاً لكافة الوظائف والأنشطة المسموح بها شرعاً.

ب- فمثلاً النشاط المالي لا يسمح ولا يصحح تعاملاته إلا ببلوغ الرشد والنضج الاجتماعي والاختبار والتحقق من تحقق الرشد، ولكلا الطرفين الرجل والمرأة.

ج-وكذلك الزواج يشترط فيه الرشد وهو بلوغ القدرة العقلية والنضج الاجتماعي والخبرة بشؤون الحياة، وهو ما يحتاج إلى فترة زمنية تتجاوز سن البلوغ.

د- علماً أن سن البلوغ لدى بعض الفقهاء الشيعة المعروفين هو (١٣) سنة.

هـ- ويضاف إلى ذلك اشتراط موافقة ولي البنت في التزويج، لمنح ضمانات إضافية في ترشيد قرار المرأة في الزواج.

3. يكذبون أيضاً ويدّعون أن القانون الشرعي يحرم المرأة من إرث العقار .. وجواب هذا الكذبة بعدة وجوه:

أ- إن القانون الشرعي يجيز للمرأة (الأم، البنت، الأخت) الميراث من العقار حالها حال الرجل، بل إن المذهب الشيعي يمنح الإرث للمرأة في موارد ويحرم الرجال من الإرث، فإذا كانت الوارث هي الأم وليس معها من الطبقة الأولى ذكور فإنها تحرم كل رجل من أصل الميراث، وكذلك الأخت إذا كانت وارث ومعها أعمام رجال ولو بلغ عددهم عشرة فإنها ترث وتحرم هذا العدد الكبير من الرجال من أصل الميراث، وكذلك الحال لو كانت لدى الميت بنت أو بنات ولديه عشرة أخوة ذكور فإن بنت أو بنات الميت ترث كل التركة ويحرم كل أخوة الميت الذكور وإن بلغ عددهم ما بلغ.

ب- الحكم الذي يقصدونه هو إرث الزوجة من العقار، وهو الإرث من قيمة وليس عين العقار بمقدار حصتها من الإرث.

ج- هؤلاء المعترضون – أو قل المدلّسون – لايفكرون بالمرأة ولا يريدون إنصافها .. لأن الزوجة التي يريدون توريثها العقار مع وجود بنات وأخوات وأم للميت – وكلهن نساء – قد تتزوج من رجل غريب فيمكن أن يرثها أو تهبه هذا العقار وسيكون مصير أم الميت وبناته وأخواته رهن قرار الزوج الغريب الذي تزوجته زوجة الميت بعد وفاته !!! فأين إنصافكم للمرأة !؟ هل المرأة فقط زوجة أم أن المرأة تكون أماً واختاً وبنتاً وو . فلماذا تعرّضون هذه العناوين العديدة للمرأة للحيف والظلم وتسلط الرجال الأجانب على حقوقهن واستقرارهن !؟

د- بعض الفقهاء يجيز توريث الزوجة ذات الولد من العقار، ومن ليس لها ولد ترث قيمة وليس عين العقار لدفع المحذور الذي ذكرناه في الفقرة أعلاه، بينما في ذات الولد قد يمكن تلافي ودفع المحذور المذكور.

هـ- إن الإسلام يربي على بر الوالدين ورعاية الأخوة والأخوات ويجعله من مكارم الأخلاق التي يرفع قدر الإنسان الحامل لها والعامل بها .. فيشجع على البذل والعطاء لأمه (زوجة الميت المتوفى الموروث).

و- لا يوجد مانع من أن يوصي الزوج قبل وفاته ويملك زوجته حصة من العقار ويكون هذا الجواب واحد من وجوه متعددة ندفع بها كذبتكم !.

ز- إن دخول الرجل الغريب من خلال زواجه بزوجة الميت بعد وفاته، سيتيح له الهيمنة على حياة وقرارات أم الزوج المتوفى وبناته وأخواته – الصغيرات – بواسطة تملك زوجته لعقار المتوفى .. فحماية للنساء من هيمنة وتسلط الرجل الغريب لا تمنح الزوجة إرثاً من عين العقار وإنما تمنح إرثاً بمقدار حصتها من القيمة.

ح- ومن الفقهاء من قال بعدم إمكان الجزم بحرمان الزوجة من العقار عيناً وقيمة فالأحوط التصالح بينها وبين الورثة على قيمة ما تحرم منه.

4. الدستور العراقي لا يجيز العمل بقوانين تخالف أحكام الإسلام ومن الواضح أن القانون الوضعي النافذ للأحوال الشخصية مخالف في كثير من مواده لأحكام الإسلام .. ومراجعة سريعة لمواقف مراجع الدين بدءاً من المرجع الراحل السيد محسن الحكيم (قدس سره) مروراً بالرسائل العملية لفقهاء الشيعة ستجد المخالفات واضحة وصريحة.

5. لماذا يسمح للمسيحيين في العراق تنظيم أحوالهم الشخصية وفق ديانتهم، ولم يعترض العلمانيون والمنظمات المرتبطة بالسفارات الغربية على ذلك ويعتبرونه يخالف الوحدة الوطنية كما يروجون !!

6. إن تنوع المجتمع العراقي المسلم إلى شيعة وسنة ليس ناتجاً عن تشريع قانون شرعي للأحوال الشخصية، وإنما هو واقع قائم منذ مئات السنين، فيكون تشريع القانون الشرعي هو تنظيم أحوالهم الشخصية وفق معتقداتهم بشكل رسمي ضمن مؤسسات الدولة، وإلاّ فإن المتدينين لن يخضعوا لمخالفات القانون الوضعي وسيضطرون إلى تنظيم احوالهم الشخصية خارج السلطات التي تعمل بقانون يخالف معتقداتهم، وفي ذلك تضييع لحقوق هؤلاء .. وكأن لسان حال العلمانية يقول أمّا أن تخالف دينك وأنظم أحوالكم بشكل رسمي، أو أنك إذا تلتزم بتنظيم أحوالك وفق معتقداتك فلتكن فوضى !!

7. هؤلاء العلمانيون فاتهم أن دول غربية مثل بريطانيا وقبل أكثر من عشر سنوات أصدرت قرارات تسمح للمسلمين في بريطانيا تنظيم أحوالهم وأحكام إرثهم وزواجهم وفق أحكام دينهم الإسلامي .. فلماذا تعارض بعد ذلك المنظمات المرتبطة بهذه السفارات إقرار قانون ينظم أحوال المسلمين العراقيين وفق ديانتهم.

8. نلاحظ أن أقليات شيعية في دول المنطقة ينطم المواطنون الشيعة فيها أحوالهم الشخصية وفق ديانتهم وفي محاكم جعفرية .. ومنها الكويت، البحرين، لبنان، أفغانستان وو .. ولم نجد اعتراضاً من سفارات دول الغرب على ذلك، فلماذا الاعتراض في العراق والشيعة أغلبية !!

9. إن أحكام الأحوال الشخصية هي معتقدات يتعبد الإنسان بها ويلتزمها اعتقاداً، فالخيارات المتصورة لتشريع قانون ينظم الأحوال الشخصية ثلاثة إما أن يفرض رأي طائفة ويجبر الآخرون على العمل به، وهذا تركناه ولم نطالب به احتراماً لعقائد المسلمين الآخرين، وإما أن يعمل بقانون وضعي وهذا يعني إجبار وإكراه كل المسلمين على تنظيم أحوالهم الشخصية خلاف معتقداتهم !! وإما أن يؤخذ من مذهب معين أحكام ومن مذهب آخر أحكام ويصاغ منها القانون، وهذا سيوقع الطرفين في مخالفات لاعتقاداتهم – والعبادة والعقيدة ليست عملية توافقية أو خلطة هجينة وفق الأهواء – فينحصر الحل بجعل أفراد كل مذهب أحرار في تنظيم أحوالهم الشخصية وفق معتقداتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى