كتب ضياء السعدي: أمام نية الكيان الصهيوني المسبقة وتقصده ارتكاب الجرائم المحرمة بالقانون الدولي والقانون الإنساني، والتي يستهدف من ورائها الاستحواذ الكامل على قطاع غزة، إشباعاً لرغباته الشاذة في التوسع والهيمنة، وهو في سبيل ذلك ما أنفك ولا يزال مستمراً في ارتكاب الجرائم البشعة التي تنال من الشعب الفلسطيني أفراداً وجماعة.
وهذا ما يتوجب وبعد إصدار محكمة العدل الدولية قراراتها على ضوء مطالبات فريق المحامين القانونيين لدولة اتحاد جنوب أفريقيا اتخاذ القرارات والتدابير العاجلة: (بوجوب تعليق (إسرائيل) عدوانها على غزة والكف عن الإخلاء والتهجير القسري للفلسطينيين من منازلهم، والحرمان من الوصول إلى الغذاء والماء والمساعدات الإغاثية وإلزام (إسرائيل) اتخاذ إجراءات فعالة لمنع تدمير وضمان الحفاظ على الأدلة المتعلقة بادعاءات الأعمال، ضمن نطاق المادة الثانية من الاتفاقية الدولية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية المباشرة من جميع الجهات المعنية من المنظمات العربية والإقليمية والدولية المهتمة إنسانياً وأخلاقياً، بإدارة ملفات مساءلة الكيان الصهيوني أمام القضاء الدولي، وتصعيد الجهود والسعي نحو استكمال المجابهة القضائية والقانونية والحقوقية، وبما يؤمن تعرية (إسرائيل)، وكشف حقيقتها العنصرية ووظيفتها وطبيعتها الإجرامية وخطورتها على البشرية في المنطقة العربية، وإيقاع العقوبات القانونية الدولية لعنصريتها وعرقيتها المعادية، التي أدت بها إلى ارتكاب أشد الجرائم فتكاً وخطورة كالإبادة البشرية وضد الإنسانية وجرائم الحرب.
وفي هذا السياق تبرز أمامنا أهمية الاستناد إلى مبدأ المسؤولية الجنائية الدولية، للأفراد الذي أسس بدوره لقضاء جزائي دولي دائم تمثل بالمحكمة الجنائية الدولية، وهي غير محكمة العدل الدولية لغرض متابعة الدعاوى المقامة والتي تقام وعلى وجه التحديد ضد مجرم الحرب الأول نتنياهو رئيس وزراء (إسرائيل)، لملاحقته ومساءلته أمام القضاء الدولي، وهو الغارق حتى رأسه بدم شعب فلسطين وأطفاله الأبرياء والحيلولة دون الإفلات من العقاب، لا سيما أن جرائمه المقترفة ستبقى عاراً شنيعاً لاحقاً به وبكيانه المفتعل، وهي لاتقبل العفو والغفران ولا تسقط بالتقادم.
إنّ القوانين الدولية النافذة والحالة الإنسانية في غزة تستدعي من المجتمع الدولي ومؤسساته القضائية والحقوقية إعلان مسؤولية الكيان الصهيوني عن المجازر الدموية، التي يرتكبها بمشاركة ومساندة الإدارة الأمريكية وإعلان مسؤولية القيادات السياسية والعسكرية في (إسرائيل) عمَّا يجري اليوم في غزة من قتل وتهجير وترويع وتجويع وتدمير وهدم المنازل ونوم في العراء واعتقال وتعذيب منذ السابع من أكتوبر/تشرين سنة 2023 إلى الحد، الذي وصل التمادي في أساليب القهر أن يناقش الكنيست الإسرائيلي إصدار قانون يمنع الفلسطينيين المعتقلين من الاستعانة بمحامين، والتوكل عنهم للدفاع عن حقوقهم الأساسية.
لعل غياب العدالة الدولية وعدم استجابتها لمطالب شعوب العالم أجمع بوقف المجازر الدموية مرجعه غياب الأخلاق والضمير الإنساني الحي والمعايير المزدوجة، التي يعتمدها المنتظم الدولي الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والتدخلات الأمريكية المباشرة القائمة على الضغوط والتهديدات، هي التي تشكل حائلاً دون اتخاذ العقوبات السياسية والاقتصادية والعسكرية أو ملاحقة الجناة القتلة مقترفي الإبادة البشرية، ومساءلتهم أمام محكمة الجنايات الدولية.