كتبت ميادة سفر: تربى الفتيات في كثير من المجتمعات على أنهن مسالمات، خاضعات، ضعيفات، ويحتاجنَّ إلى {محرم} {سوبرمان} يحوم حولهن لينقذهن ويدافع عنهن، فتهتز شخصيتها وتوهن عزيمتها، وتستضعف، حتى تصل إلى الوقت الذي تدافع فيه عن سجنها وتعتبره {جنة عدن}، تتلقى اللطمات الواحدة تلو الأخرى {من تم ساكت} كما يقال، إذ لا يحقّ لهن الاعتراض أو التذمر أو الرفض، وانطلاقاً من هنا.
تتواصل جرائم قتل النساء عمداً أو تسبباً بالموت، أو تعنيفاً لفظياً أو تحرشاً وأيضاً محاولات كثيرة للاستخفاف بهن والحط من قدر المرأة أياً كان المجال الذي تعمل به، فلا يكاد يمرُّ يوم إلا وتصادفنا الأخبار عن زوجة قتلت وأخرى تعرضت لعاهة نتيجة العنف الممارس عليها من قبل ذويها، هذا غير الألفاظ البذيئة التي تنعت بها والنظرات الشهوانية التي تطالها من أفراد تثير غرائزهم أية امرأة لاحت أمامهم، فهل سينتهي العنف ضد المرأة يوماً ما؟.يبدو الجواب على هذا التساؤل أمراً في غاية الصعوبة، لأن قراءة سريعة للواقع الذي نعيش فيه، وللقوانين التي نستظل بظلها، والعادات التي نتربى عليها، تشي بأن أمامنا زمن طويل قبل أن نبلغ ما نصبو إليه.
لن ينتهي العنف طالما بقي رجال يعتبرون أنفسهم قوامين على النساء، بما ملكت وما لم تملك إيمانهم، وطالما شرعن زواج القاصرات وخول للقاضي القول الفصل في تحديد من منهن يبدو عليها البلوغ ليأذن بتزويجها، وطالما اعتبرت بعض النساء أن للرجل الحق في ضربها لأن {ضرب الحبيب زبيب}.
سيبقى العنف ما بقي فرد في مجتمع يجد لأفعاله المبررات الجاهزة والتي ترضي مجتمعه المريض، من لباس المرأة وشكلها ومكياجها وغيرها الكثير من اللائمات التي تلقى على كاهلها لتحمل وزر فعلته الشنيعة، وتتحول من ضحية إلى مذنبة، ويحكم عليها المجتمع نفسه الذي ربى ذلك الرجل الذكر بأقسى العقوبات التي لن تسقط بتقادم الزمن، ولن يشملها عفو من بيئة موبوءة بالتمييز وشعارها أنّ المرأة جنس ثانٍ مختلف عن الرجل.
ويبقى العنف ما بقيت القوانين تفرض على المرأة مهما اعتلت من مناصب وارتقت في الحياة أن يرافقها ولي أمر ليشهد أو يأذن بانتقالها إلى ملكية رجل آخر {الزواج}، وطالما بقي الرجل الحاكم والمتحكم بمصير المرأة في عائلته يجبرها على ترك عملها أو البقاء فيه، يوقع لها الإذن بالخروج، فهو الآمر الناهي في سيرورة حياتها.
في كل الأحداث التي تجري من حولنا، في البيت أو العمل أو في الشارع أو حتى على شاشات التلفاز والعروض السينمائية والفيديو كليب، يتم التركيز دائماً على المرأة، ماذا تفعل؟ ماذا تلبس؟ كيف تتكلم، كيف تمشي؟ وغيرها من ملاحظات لا نجد للرجل فيها حضوراً، لأنه {يحق للرجل ما لا يحق لغيره}، أليس هذا جانباً من العنف المنظم والمستمر ضد النساء؟
يبدو أننا نعيش في بلاد تغيرت معادلاتها ليصبح العنف لا العدل سيد الأحكام، لذا ستبقى رقاب النساء ملقاة على مقاصل شرف مجتمع بني على تخلف يحصد كل يوم عشرات الضحايا أو أكثر، في كل مرة تقتل فيها امرأة أو تعنف أو يستخف بها نتراجع خطوة إلى الوراء، وننحدر أميالاً إلى القاع، فعلى الرغم مما وصلت إليه المرأة والمناصب والمراكز العليا التي تبوئتها في غير بلد، ما زالت في نظر المجتمع {ضلعاً قاصراً} لن تقوى إلا بمساندة رجل إلى جانبها.
وإلى أن نتمكن من التخلص من كل تلك الأوحال التي نغرق فيها، ربما يمكننا القول إنّ العنف ضد النساء قد انتهى، مع أنّ الحلم يبدو بعيداً والأمل يتضاءل يوماً بعد يوم.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز